غزة – خاص


يشهد قطاع غزة تصاعدًا حادًا في التوتر الأمني بالتزامن مع استمرار الحرب التي تشنّها إسرائيل منذ أكتوبر 2023، والتي أودت بحياة آلاف الفلسطينيين وخلّفت دمارًا واسعًا في البنية التحتية. إلا أن ما يزيد من تعقيد المشهد هو بوادر الفلتان الأمني الداخلي، التي بدأت تبرز مؤخرًا في شوارع القطاع، وسط تدهور اقتصادي واجتماعي متسارع.

وفي تطور ميداني خطير، اندلعت مواجهات مسلحة في مدينة خان يونس جنوب القطاع، بين عناصر من حركة حماس وعائلة بربخ، على خلفية مقتل أحد أفراد العائلة برصاص نُسب إلى عناصر من الحركة. وأفادت مصادر محلية أن القتيل اشتباكات بين أفراد العائلة وعناصر أمنية لحركة حماس في محيط مستشفى ناصر ، أثار حالة من الذعر في صفوف المرضى والمواطنين.

ووفقًا لشهود عيان، خرجت عائلة بربخ في تظاهرة غاضبة طالبت خلالها بالكشف عن ملابسات الحادثة ومحاسبة المتورطين. كما اتهمت الحركة بممارسة “القتل خارج القانون”،

في سياق متصل، هددت عائلة أبو زايد، وهي إحدى العائلات البارزة في مدينة غزة، بالثأر لمقتل ابنها عامر أبو زايد، الذي قتل قبل أيام على يد عناصر من وحدة “سهم”، وهي وحدة خاصة تابعة لحركة حماس. ونظمت العائلة عرضًا عسكريًا كبيرًا في مخيم النصيرات  ، استُخدمت فيه الأسلحة الرشاشة، في مشهد نادر الحدوث، ورفعت خلاله لافتات تؤكد “الحق في القصاص” ما لم يتم تسليم المتورطين في قتل ابنها.

وفي بيان رسمي، دعت العائلة قيادة حركة حماس إلى “تحمل المسؤولية الأخلاقية والقانونية”، وطالبت بتسليم من وصفتهم بـ”القتلة”، ملوّحة باتخاذ إجراءات انتقامية في حال عدم الاستجابة.

من جانبها، التزمت حماس الصمت الرسمي حيال هذه التطورات، بينما انتشرت قواتها الأمنية في مناطق متفرقة من غزة، تحسبًا لأي تصعيد، وسط دعوات من وجهاء ومخاتير العائلات إلى ضرورة احتواء الأزمة بالحوار ومنع انفلات الأمور إلى دائرة العنف العشائري.

وتثير هذه الأحداث مخاوف واسعة من تفجر الأوضاع الداخلية في غزة، التي تواجه أصلاً أزمة إنسانية خانقة بسبب الحصار الإسرائيلي، وتدمير المرافق الصحية والتعليمية جراء الحرب المستمرة. كما تحذر منظمات حقوقية محلية من خطورة التدهور الأمني، معتبرة أن استمرار غياب المساءلة والمحاسبة قد يؤدي إلى تقويض ما تبقى من الاستقرار الاجتماعي في القطاع.

ويؤكد مراقبون أن هذه الحوادث تُسلّط الضوء على هشاشة الوضع الأمني في غزة، وعلى الحاجة الماسة إلى معالجة النزاعات الداخلية بعيدًا عن السلاح، عبر قنوات قانونية عادلة وشفافة، تحفظ هيبة القانون وتحمي السلم الأهلي.

وتُعدّ الحوادث الأخيرة التي ارتبطت بوحدة “سهم” مؤشرًا مقلقًا على الحاجة إلى مراجعة آليات العمل الأمني لبعض الوحدات الخاصة في غزة، خصوصًا تلك التي تتصرف بمعزل عن الرقابة القضائية أو المجتمعية. فبينما يفترض أن تعمل هذه الوحدات ضمن إطار حماية الأمن العام، فإن تكرار الحوادث التي تنتهي بضحايا من المدنيين يثير تساؤلات حول ضبط السلوك الميداني ومعايير استخدام القوة. ويرى مراقبون أن غياب الشفافية في التحقيقات المتعلقة بتصرفات هذه الجهات، قد يسهم في تآكل ثقة المواطنين بالأجهزة الأمنية، ويزيد من حالة الاحتقان، في وقت أحوج ما يكون فيه المجتمع إلى تعزيز الوحدة وتغليب صوت القانون على مظاهر القوة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *