بعد مرور آكثر من ٤٠٠ يوم على الحرب على قطاع غزة أحد عناصر حماس احمد ابو ارتيمة يعتذر عن انتمائه للحركة٬ في حين يصف بأن قرار ٧ أكتوبر أكبر خطأ استراتيجي ترتكبه الحركة بحق قطاع غزة .
يقول العنصر الذي تخلى انتماؤه للحركة٬ أعتذر عن كثير من قناعاتي في العامين الأخيرين التي تبين لي أنها كانت مبنيةً على عاطفة لا على حكمة في التقدير السياسي
ويضيف كثير من القناعات بنيتها على فرضية أن صاحب الحق سينتصر بمعجزة خارقة دون اعتبار لموازين القوى ولقوانين السياسة والاجتماع
مستكملا٬ بنيت هذه القناعة مثلي مثل كثيرين على التربية النمطية التي شربتنا مفاهيم من قبيل المفاصلة والولاء والبراء والحسم والمفارقة مع الجاهلية لكن ما تبين لي لاحقاً أن الحياة أعقد من ذلك بكثير وأن ظنك أنك صاحب حق لا يعني أنك ستنتصر دون اعتبار لموازين القوى ولطبيعة المعادلات السياسية والأوضاع الإقليمية والدولية٬ مضيفاً تبين لي أن امتلاك الحق المبدئي لا يخولك حق إعلان الحرب وفتح الجبهات مع العالمين وأن من يصدم رأسه بالجدار فإن رأسه هو الذي يتحطم وليس الجدار
معبراً٬ تبين لي أن الانتصار والتمكين يكون بمراكمة النقاط والتدرج السلس وليس بالضربة الحاسمة والقفزة الهائلة
قائلاً ٬ تبين لي أن السياسة لا تقوم على حق وباطل وإيمان وكفر إنما تقوم على علاقات قوى ومصالح وأن العمل في حقل السياسة هو التشبيك مع القوى المختلفة بما يحقق المصالح المشتركة ويقلل المفاسد والأضرار
تبين لي أن المغامرات غير المحسوبة والمواجهات غير المتكافئة هي ضرب من الجنون وأن مفاهيم التضحية والشهادة ليست أكثر من انتحار إن انتزعت من سياقها ولم تراع فقه المآلات وطبيعة المرحلة والإمكانات المتاحة
تبين لي أن الحكمة تقتضي أن ننحني أمام العاصفة حتى لا تقتلعنا دون أن يعني هذا الانحناء هزيمةً نفسيةً داخليةً
تبين لي أن الاعتراف بالواقع الجديد ليس عيباً وهزيمةً بل هو ذكاء وشجاعة وأن الفطن هو من يلتقط التغير منذ بدايته ويعترف بالقوى الجديدة وإن لم توافق أهواءه الأيديولوجية والسياسية ويبني مساره على البحث عن المتاح في هذا الواقع الجديد وأن من ينكر التغيرات فإنه سيخسر كثيراً وسيتجاوزه الزمن دون أن يعبأ به وأن ربح شيء أفضل من خسارة كل شيء
تبين لي أن التاريخ لا ينتهي عندنا وأننا مجرد حلقة من حراك اجتماعي تاريخي دائب وأننا إن لم نفهم ظروف المرحلة وإن لم نفرق بين الأمنيات والإمكانات فإن الأمر سينتهي بنا إلى التلاشي والذوبان دون أن يتوقف التاريخ بزوالنا