نازحون سودانيون في مدرسة في وادي حلفا نازحون سودانيون في مدرسة في وادي حلفا

 

حين دوى أزيز الرصاص بالعاصمة السودانية فرت عائلات تنشد ملاذا آمنا في ولاية الجزيرة لكن توسع المعارك ينذر بتحول الحصن لموقع قتال.

 

ففي هذه الولاية التي كانت حصن هؤلاء الفارين من معارك العاصمة، كان حسين محمد يقود حافلته مع حلول الليل بين بلدتي المسيد والكاملين.

لكنه فجأة اضطر للتوقف عندما رأى فجأة على الطريق الأسفلتي الضيق طابورا من القوات، ويروي لوكالة فرانس برس وهو لا يزال تحت تأثير الصدمة أن القوات كانت تتقدم داخل “43 سيارة نقل صغيرة و3 مدرعات”.

 

ومنذ أبريل/نيسان الماضي، تتواصل المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع دون أن تفلح اتفاقات هشة عديدة لوقف إطلاق النار في وضع حد لصراع بدأ يتخذ صبغة هيكلية مخيفة.

 

وبحسب حسين، تقدّمت القوات 50 كيلومترا قبل أن تعود أدراجها وتتمركز على بعد 17 كيلومترا شمال الكاملين، أي على بعد قرابة 80 كيلومترا من الخرطوم.

 

 قصف جوي

 

أحمد محي الدين، سوداني آخر كان يجلس أمام محله التجاري في سوق مدينة الكاملين (90 كيلومترا جنوب الخرطوم)، يقول متحدثا عن الرعب من وصول المعارك إلى الولاية: “نعيش حالة من القلق والتوتر وتكثر الشائعات ولم ننم ليلة أمس”.

 

وكانت أغلب محال السوق مغلقة، ويقول سكان إنهم يخشون أعمال نهب وقتل تواكب اندلاع المعارك بمناطقهم.

 

وبات دوي القصف الجوي يُسمع الآن من الكاملين، وقال سكان لفرانس برس إن طائرات الجيش قصفت، الثلاثاء, نقاط ارتكاز لقوات الدعم السريع في الباقير بولاية الجزيرة، على بعد 50 كيلومترا من الكاملين ومن الخرطوم.

 

وإزاء الروايات المنتشرة عن أهوال الحرب خصوصا في الخرطوم التي فر نصف سكانها، وفي دارفور (غرب)، لم تعد التطمينات ذات مغزى.

 

وأكدت الحكومة أن منطقة شمال الجزيرة أصبحت منطقة تدير شؤونها قيادة الجيش، فيما قال والي الجزيرة المكلّف إسماعيل عوض الله لصحفيين إن “شمال الجزيرة منطقة عمليات عسكرية، وهذا شأن تحت إدارة قيادة الجيش”.

 

وتعدّ ولاية الجزيرة الممتدة عل مساحات شاسعة بين النيل الأبيض والنيل الأزرق، منطقة حساسة وهي معروفة بأراضيها الخصبة وحقول القطن المنتشرة فيها.

 

“حتى عن بعد”

 

وهذا العام، للمرة الأولى في تاريخ الولاية، ظلت الأراضي بورا. وتحولت المدارس والمباني الحكومية إلى معسكرات إيواء متواضعة للنازحين وتوقفت المصانع منذ شهور.

 

وفي تصريحات إعلامية، قال وزير المالية المكلف جعفر أبو شوك إن “الولاية فقدت 88% من إيراداتها جراء الحرب”.

 

ومنذ اندلاع المعارك في الخرطوم، توقّفت الولاية عن دفع مرتبات موظفين حكوميين من بينهم معلمو المدارس الذين رغم ذلك بدأوا عامهم الدراسي في سبتمبر/أيلول الجاري بفصول دراسية مكتظة بسبب انضمام أعداد كبيرة من النازحين اليها.

 

وتقول ثريا الهادي، وهي معلمة في الثالثة والأربعين تعيش في قرية شمال الكاملين، “كانت هناك مخاوف منذ بداية الحرب لكن القلق صار كبيرا الآن”.

 

وتتابع “نرجو ألا تنتقل الحرب إلينا. فحتى عن بعد، نحن نعاني تداعياتها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *