القدس – مراسلنا:
مع اندلاع الحرب المباشرة بين إيران وإسرائيل قبل أربعة أيام، تعيش مدينة القدس، وخاصة أحياؤها الشرقية والبلدة القديمة، حالة من التوتر والقلق الشديدين. فرضت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إجراءات أمنية مشددة شملت إغلاق المسجد الأقصى المبارك ومنع المصلين من دخوله، وذلك تحت ذريعة “الطوارئ الأمنية” وسط تصاعد العمليات العسكرية المتبادلة بين البلدين.
هذا الإغلاق المفاجئ للأقصى الذي يعتبره الفلسطينيون رمزًا دينيًا وتاريخيًا لا غنى عنه، أثار موجة من الغضب والاستياء بين السكان، الذين اعتبروا أن حرمانهم من الصلاة في هذا المكان المقدس يُعد انتهاكًا لحقهم الديني والإنساني. ويشير مراقبون إلى أن هذه الخطوة تمثل تصعيدًا غير مسبوق في المدينة المقدسة منذ سنوات طويلة.
في حديثه لمراسلنا، قال فادي عودة، من سكان حي رأس العامود في القدس الشرقية:
“نحن غير معنيين بالحرب بين إيران وإسرائيل، ولكننا نعاني من تبعاتها. إغلاق الأقصى ومنع الصلاة فيه سبب لنا ألمًا عميقًا. حياتنا اليومية متوقفة، الأسواق مغلقة، والمدارس غير منتظمة. نشعر أننا عالقون في وسط صراع لا نريد المشاركة فيه.”
الواقع على الأرض يعكس حالة من الشلل النسبي في المدينة. المحال التجارية في البلدة القديمة أغلقت أبوابها، وتراجعت الحركة في الشوارع بشكل ملحوظ، إذ يخشى السكان من أي تصعيد جديد قد يؤدي إلى مواجهات أمنية خطيرة. كما أن استمرار حالة الطوارئ أدى إلى تعطيل العديد من الخدمات الأساسية وأثر سلبًا على الوضع الاقتصادي المتردي أصلًا في المنطقة.
تأتي هذه التطورات في ظل تحذيرات من جهات دولية بعدم السماح بتحول الحرب الإيرانية – الإسرائيلية إلى صراع إقليمي أوسع قد يهدد استقرار المنطقة بشكل كبير. وقد طالبت منظمات حقوقية فلسطينية ودولية بضرورة حماية الأماكن المقدسة
أحد رجال الدين في القدس، الشيخ يوسف الغول، قال في تصريحات خاصة:
“المسجد الأقصى هو مهد البركة وركيزة الثبات للمقدسيين والمسلمين في كل مكان. غلقه وإغلاق أبوابه ليس مجرد إجراء أمني، بل هو جرح عميق في قلوبنا جميعًا. ندعو المجتمع الدولي للتدخل الفوري لإنهاء هذا الوضع الظالم وإعادة فتح المسجد أمام المصلين.”
كما شددت جهات مدنية في القدس على أن استمرار الإغلاق يزيد من الاحتقان الشعبي ويهدد السلام الأهلي، مطالبين بوقف الحرب فورًا وعودة الحياة إلى طبيعتها في المدينة.
من جانبها، لم تصدر سلطات الاحتلال الإسرائيلي حتى الآن تصريحات مفصلة عن إمكانية رفع القيود عن المسجد الأقصى، مكتفية بالقول إنها ستتخذ “الإجراءات الأمنية المناسبة لحماية السكان وضمان الأمن القومي”.
في الوقت الذي تزداد فيه الدعوات إلى ضبط النفس والحوار، يبقى السكان في القدس يواجهون معاناة يومية من إغلاق الأماكن المقدسة والتقييدات الأمنية، وينتظرون بلهفة نهاية الحرب وعودة المسجد الأقصى إلى استقبال المصلين، كخطوة أولى نحو استعادة الهدوء والاستقرار في المدينة