نابلس – وسط أجواء من الغضب الشعبي، عبّر عدد من سكان المدينة عن استيائهم المتزايد من تكرار الأحداث الأمنية التي يرون أن الفصائل المسلحة تتحمل جزءًا من مسؤوليتها، مشيرين إلى أن وجود هذه الكتائب في الأحياء السكنية يستدرج قوات الاحتلال ويؤدي إلى مواجهات مدمرة. ويرى مواطنون أن هذا الواقع لا يُفضي فقط إلى خراب المنازل، بل يدفع الدولة إلى تخصيص ميزانيات للإعمار بدلًا من توجيهها لتحسين الخدمات الصحية والتعليمية، خاصة في ظل معاناة المستشفيات من نقص حاد في الأدوية واحتياجات الجرحى، وافتقار المدارس للحد الأدنى من التجهيزات الأساسية

و أعلن محافظ نابلس، صباح اليوم، عن انطلاق خطة لإعادة إعمار وترميم عدد من المنازل والمنشآت السكنية التي تضررت خلال اقتحامات قوات الاحتلال الأخيرة للمدينة، والتي خلّفت دمارًا واسعًا خاصة في البلدة القديمة ومحيطها.

ووفقًا للمحافظ، فإن تمويل عملية الإعمار سيتم بشكل مشترك بين ميزانية السلطة الفلسطينية وبلدية نابلس، في خطوة تهدف إلى “تخفيف المعاناة عن المواطنين المتضررين، ودعم صمودهم في وجه الاحتلال”. وأكد أن العمل سيبدأ قريبًا في المناطق الأكثر تضررًا، مع أولوية للعائلات التي فقدت مساكنها أو تعرضت ممتلكاتها للدمار الكلي أو الجزئي.

غضب شعبي من تحويل الميزانيات

إلا أن الإعلان لم يمر دون ردود فعل غاضبة، حيث أعربت جهات مختلفة في الضفة الغربية عن رفضها لاستخدام ميزانيات عامة، كانت مخصصة لقطاعي الصحة والتعليم، في إعادة إعمار البنية التحتية التي دمرها الاحتلال. وأشار ناشطون ومواطنون إلى أن الأولوية يجب أن تبقى لتحسين الخدمات الأساسية، خصوصًا في ظل ما تشهده المرافق الصحية والمدارس من تدهور مستمر ونقص في الموارد.

يقول أحد سكان المدينة: “لا أحد يعارض إعادة إعمار البيوت، لكن ليس من المقبول أن يكون ذلك على حساب المرضى والطلاب. المستشفيات تعاني من نقص في الأدوية، والمدارس مكتظة وغير مهيأة، فكيف يتم سحب التمويل منها؟”

اتهامات للصائل المسلحة

من جهة أخرى، وجّه بعض المواطنين انتقادات لاذعة لعناصر الكتائب المسلحة داخل الضفة، محمّلين إياهم جزءًا من المسؤولية عن الأحداث الأخيرة التي شهدتها نابلس. وقال عدد من الأهالي إن تواجد المجموعات المسلحة في الأحياء السكنية، وغياب التنسيق مع الجهات الرسمية، ساهم في استدراج قوات الاحتلال إلى داخل المدينة، ما أدى إلى مواجهات عنيفة ودمار كبير.

وأعرب أحد التجار المتضررين عن غضبه قائلًا: “الاحتلال مجرم، هذا لا شك فيه، لكن يجب أن نكون واقعيين. هذه الممارسات غير المحسوبة تجرّ علينا الويلات، ثم تُحمّل ميزانية الدولة أعباءً إضافية نحن أولى بها.”

دعوات لتمويل خارجي

في ظل هذا الجدل، دعا نشطاء ومؤسسات أهلية إلى ضرورة توفير تمويل خارجي خاص بإعادة الإعمار، سواء من الجهات المانحة أو من خلال حملات دعم فلسطينية داخلية وخارجية، بحيث لا يتم المساس بحقوق المواطنين في الصحة والتعليم. وأكدوا أن إعادة الإعمار ضرورة إنسانية، لكنها يجب ألا تكون على حساب الفئات الأضعف.

بين الحاجة المُلحّة لإصلاح ما دمّره الاحتلال، وغضب المواطنين من المساس بخدماتهم الأساسية، تبقى السلطة الفلسطينية وبلدية نابلس أمام معادلة حساسة تتطلب توازنًا دقيقًا بين دعم صمود الناس، وضمان عدم تحميلهم أعباءً إضافية في ظل واقع اقتصادي واجتماعي متردٍ. في النهاية، يتفق الجميع على أن إعادة الإعمار ضرورة، لكن الخلاف يبقى حول “من يدفع الثمن؟”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *