لشهر أكتوبر في فصول حياة يحيى السنوار “أبو إبراهيم” المليئة بالمحطات الصعبة والمثيرة والشائكة، حصة خاصة. فيه وُلد في أزقة مخيم خان يونس قبل ستة عقود ونيّف، وفيه نال حريته من السجون الإسرائيلية بعد أكثر من عقدين أمضاهما فيها، وفي الشهر ذاته أطلق “الطوفان” نحو غلاف غزة مخلِّفاً وراءه ارتدادات كبرى هزت أرجاء المنطقة والعالم.
نشأ السنوار في مخيمات الصفيح بغزة وبين أزقتها الضيقة بعدما نزحت عائلته من مدينة المجدل عقب “نكبة 48”. طاله نصيب من شظف العيش وقسوته. طبعت الظروف القاسية علاماتها على شخصية الطفل الذي وقف شاهداً على “نكسة 67”. راكمت السنوات التي تلت رصيداً من الغضب والسخط في صدره، فاقمتها يوميات البؤس في غزة ومخيماتها مخلّفةً “رغبةً ملحّة بالانتقام” لازمته لعقود تلت. كان في حديثه ونظرته للصراع دائم الحديث عن “النكبة” وما تركته من معاناة ممتدة لأهله، كان لديه تطلع دائم لإحداث “صدمة وتغيير في موازين القوى”، كما يقول من عرفه.
تلقَّى يحيى السنوار تعليمه في مدارس مخيم خان يونس وأكمل دراسته بعدها بالجامعة الإسلامية التي تخرج فيها بشهادة في الدراسات العربية. بدأ نشاطه بالعمل الطلابي والتنظيمي حينذاك تحت مظلة “الكتلة الإسلامية” ومنها شق طريقه إلى أدوار أوسع تكللت بتأسيس جهاز “المجد”، الجهاز الأمني الداخلي لـ”حماس” المضطلع بأدوار حساسة أبرزها ملاحقة العملاء والمرتبطين بأجهزة الأمن الإسرائيلية.