في تطور جديد ضمن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، سلّمت حركة حماس، فجر الخميس، جثث أربعة رهائن إسرائيليين، بينما أفرجت السلطات الإسرائيلية عن عدد من المعتقلين الفلسطينيين، في إطار آخر عمليات التبادل ضمن المرحلة الأولى من الاتفاق المستمر منذ أكثر من شهر.

وبموجب هذه المرحلة، يُنتظر أن تطلق إسرائيل سراح أكثر من 600 معتقل فلسطيني، مما يشير إلى اقتراب اختتام المرحلة الأولى من الاتفاق. وفي هذا السياق، أكدت حركة حماس أن إسرائيل لم يعد أمامها سوى التوجه إلى “مفاوضات المرحلة الثانية”.

من جانبه، شدد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على أن قرار المضي قدمًا نحو المرحلة الثانية من الاتفاق يجب أن تتخذه إسرائيل.

انعكاسات نجاح المرحلة الأولى على المرحلة الثانية

في هذا الإطار، أوضح الخبير الأمني والاستراتيجي اللواء محمد عبد الواحد، في حديث لـ”الحرة”، أن المرحلة الأولى من المفاوضات كانت ناجحة إلى حدٍّ ما، رغم التوترات التي رافقتها نتيجة استمرار الحرب لأكثر من 15 شهرًا. وأشار إلى أن إسرائيل استخدمت جميع أدوات التفاوض المتاحة لها، بما في ذلك المراوغة والتسويف، في ظل إيمانها بأن “لا شيء يُمنح بالمجان”.

وأضاف عبد الواحد أن إسرائيل، التي ترى نفسها الأقوى عسكريًا وتقنيًا، مارست ضغوطًا مستمرة على حركة حماس بهدف إضعافها، وهو ما أدى إلى تغيير ميزان القوى في المفاوضات، حيث باتت تميل نحو “فرض الإملاءات من الطرف الأقوى على الطرف الأضعف”. كما أوضح أن الهدف الإسرائيلي الأساسي من المفاوضات كان تحرير الرهائن وليس إنهاء الحرب، مؤكدًا أن إسرائيل تفضل تحقيق مصالحها دون تقديم تنازلات كبيرة.

عقبات وتحديات المرحلة الثانية

بعد سابع عملية تسليم للرهائن الإسرائيليين يوم السبت الماضي، والتي شملت آخر المحتجزين المقرر إطلاق سراحهم ضمن المرحلة الأولى بحلول الأول من مارس، تترقب الأطراف بدء مفاوضات المرحلة الثانية.

وترى الخبيرة السياسية الأميركية كلير لوبيز أن إطلاق سراح أكبر عدد ممكن من الرهائن يعدّ نجاحًا للمرحلة الأولى، لكنها حذرت من أن المرحلة الثانية ستكون أكثر تعقيدًا، إذ ستتطلب شروطًا صارمة، أبرزها الإفراج عن جميع الرهائن المتبقين وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة.

وأشارت لوبيز إلى أن هذه الشروط لن تتحقق إلا بعد “التخلص الكامل من حركة حماس”، وهو ما يشكل تحديًا كبيرًا أمام تطبيق المرحلة الثانية من الاتفاق. كما أكدت أن الولايات المتحدة ستواصل الضغط على الأطراف المعنية في المحادثات التي تستضيفها قطر ومصر، مع استمرار دعمها لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خاصة فيما يتعلق بالقضاء على قدرات حماس العسكرية.

التحركات الدبلوماسية المقبلة

في هذا السياق، أعلن المبعوث الأميركي للبيت الأبيض، ستيف ويتكوف، الثلاثاء، أن إسرائيل سترسل وفدًا إلى الدوحة أو القاهرة خلال الأيام المقبلة لمناقشة الخطوات التالية لصفقة تبادل الرهائن، استنادًا إلى المبادئ التي تم الاتفاق عليها بين واشنطن وإسرائيل والوسطاء القطريين والمصريين.

وكان وقف إطلاق النار قد دخل حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي، بعد حرب مدمرة استمرت 15 شهرًا بين إسرائيل وحركة حماس. وتنص المرحلة الأولى من الاتفاق على إفراج حماس عن 33 رهينة، بينهم 8 قتلى، مقابل إطلاق إسرائيل سراح 1900 معتقل فلسطيني.

أما المرحلة الثانية، فمن المتوقع أن تتضمن إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين لدى حماس، والتفاوض بشأن إنهاء الحرب، فيما ترتبط المرحلة الثالثة بإعادة إعمار قطاع غزة.

مصير الاتفاق في ظل الانقسامات السياسية الإسرائيلية

ورغم أن المرحلة الثانية يفترض أن تضع حدًا نهائيًا للحرب، إلا أن هذا الطرح يواجه معارضة قوية من اليمين الإسرائيلي المتحالف مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ما قد يهدد استقرار حكومته.

يُذكر أن اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تم بوساطة الولايات المتحدة ومصر وقطر، أوقف حربًا استمرت 15 شهرًا، عقب هجوم حماس الذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص وأسر حوالي 250 رهينة. وفي المقابل، تسببت العمليات العسكرية الإسرائيلية في مقتل أكثر من 48,000 فلسطيني، وفقًا للمصادر الصحية في غزة، كما أدت إلى نزوح نحو 90% من سكان القطاع ودمار واسع في بنيته التحتية ونظامه الصحي.

ومع ترقب بدء مفاوضات المرحلة الثانية، يبقى التساؤل مفتوحًا حول مدى قدرة الأطراف على تجاوز العقبات وتحقيق اتفاق يضع حدًا نهائيًا للصراع في غزة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *