حذر محللون غربيون من مخاطر الغياب الراهن لأي رؤية واضحة، تستشرف معالم مرحلة ما بعد انتهاء الحرب الحالية في قطاع غزة، باعتبار أن ذلك يفتح الباب أمام تواصل العنف على نحو يلحق أضراراً جسيمة بمختلف الأطراف.  وأكد المحللون أن الافتقار لـ«خطة اليوم التالي»، يعيد إلى أذهان القوى الكبرى التي تحاول إسكات المدافع في القطاع، وعلى رأسها الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون، ذكريات انخراطهم في صراعات عبر البحار، دون أن تكون لديهم تصورات واضحة، لما سيتلو طي صفحة القتال.
بجانب ذلك، من شأن وضع تصور واضح ومُفصَّل بقدر الإمكان، لمرحلة ما بعد انتهاء الحرب في غزة، بما يشمل وضع خطوات محددة، تكفل الانتقال إلى فترة من الاستقرار والهدوء، وتقليص فرص اندلاع القتال من جديد، ومنح الأمل للغزيين.
ورغم أن هناك العديد من التصورات التي يتم تداولها منذ الأسابيع الأولى للحرب بخصوص ما قد يليها من مراحل، لم تَرقَ هذه الخطط المقترحة بعد، إلى مستوى الاستراتيجية المتماسكة، التي يمكن أن تفتح الطريق أمام إيجاد تسوية سياسية مستدامة، تتيح الفرصة لبدء عمليات إعادة الإعمار الشاقة والمكلفة.
وبحسب المحللين، ومن بينهم دانيال بايمان، الأستاذ في جامعة جورج تاون الأميركية، يهدد عدم التوافق على سيناريو لما بعد الحرب في غزة، باستمرار الاضطرابات الأمنية والأزمات الإنسانية في القطاع، حتى إن تم تذليل العقبات التي تعترض طريق التوصل إلى وقف لإطلاق النار، أو حتى إيجاد هدنة مؤقتة.
واعتبر بايمان، وهو كذلك زميل بارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الذي يتخذ من واشنطن مقراً له، أن بلورة تصور متماسك لصورة الوضع في قطاع غزة حال إسدال الستار على الحرب، تمثل أمراً ضرورياً، لتمكين المنظمات الإغاثية المختلفة، من إيصال المساعدات الإنسانية إلى مئات الآلاف من المدنيين، ممن هم في أمس الحاجة إليها.
فالفرق التابعة لهذه المنظمات، بحاجة إلى خطة مستقبلية تكفل إيجاد جهة قادرة على توفير قدر كافٍ من الأمن والنظام، بما يسمح للعاملين فيها بالاضطلاع بمهامهم، وتوزيع الإمدادات بكفاءة ونزاهة، دون أن يتعرضوا لخطر الوقوع ضحايا لهجمات.
وأقر بايمان في الوقت نفسه، بأن هناك تحديات متعددة، قد تحول دون توافر الأسس الواجب التوافق عليها، لرسم ملامح سيناريو «اليوم التالي» في غزة، من قبيل نجاح المجتمع الدولي في تشكيل قوة حفظ سلام، وإرسالها إلى القطاع، وهو الأمر الذي يكتنفه كثير من الصعوبات في الوقت الحاضر. وشدد الباحث السياسي، في تصريحات نشرها مركز «المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية» على موقعه الإلكتروني، على ضرورة أن يبدأ التخطيط لمرحلة ما بعد الحرب بشكل فوري، مُحذرا من أن الإحجام عن ذلك، يُنذر بأن تستمر الأزمة الحالية إلى أجل غير معلوم، وهو ما لا ينبغي أن يحظى بترحيب أيٍ من أطراف الصراع، بحسب قوله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *