أبو عبيدة: مجاهدي القسام نجحوا في تدمير 15 آلية إسرائيلية خلال الـ 24 ساعة الماضيةأبو عبيدة: مجاهدي القسام نجحوا في تدمير 15 آلية إسرائيلية خلال الـ 24 ساعة الماضية

هل توقعت حركة حماس نتائج هجومها المباغت في السابع من أكتوبر الحالي على قطاع غزة واستعدت بشكل جيد للعواقب العسكرية والسياسية؟ وهل اعتبرت أن تفوق النجاح “طوفان الأقصى” يؤدي إلى رد إسرائيلي هائل أم أنها فوجئت بالنتائج مثل باقي العالم ولم تتوقعها؟ لقد كان الهجوم الحماسي صاعقًا ومدمرًا، وكان رد إسرائيل قاسيًا جدًا ضد سكان غزة، كعقاب جماعي. مانفّذه الاستعمار الأوروبي بانتظام ضد الشعوب المستضعفة في آسيا وأفريقيا وأستراليا، وكذلك في القارة الأميركية، وحتى الولايات المتحدة حشدت أسطولها في البحر المتوسط للدفاع عن إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها وتدمير أعدائها دون قيود أو شروط. فكيف يمكننا تحليل العمليات الناتجة عن “طوفان الأقصى” لاستنتاج المآلات التي تتعاقب الأحداث والوقائع على أساسها؟

من المؤكد أن “طوفان الأقصى” لديه طبيعة أكبر من مجرد اختطاف جنود إسرائيليين لمبادلتهم لاحقًا بأسرى فلسطينيين. هدفها الفعلي ربما يكون تحرير فلسطين بالتعاون مع محور المقاومة والتنسيق معه، الممتد جغرافيًا من طهران إلى صنعاء، عبر بغداد ودمشق وبيروت. لكي نعرف هذا، يجب أولاً حسم ما إذا كان هجوم حماس مرتبًا ومنسقًا مسبقًا مع الحزب، لافتتاح جبهتين متزامنتين شمالًا وجنوبًا، مثلما فعل الجيش السوري والمصري قبل خمسين سنة في هضبة الجولان وصحراء سيناء. إن إيران نفت علاقتها بعملية حماس، في حين أكدت صحيفتي وول ستريت جورنال والنيويورك تايمز العكس.

من المؤكد أن “طوفان الأقصى” يتجاوز المجردة العملية التقليدية لاختطاف جنود إسرائيليين، بغرض تبادلهم لاحقًا بأسرى ومعتقلين فلسطينيين في إسرائيل ودول أخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة.

وتحمل المعلومات الصحافية المتداولة، التي تُدعم بالمؤشرات والأدلة، معها الاشارات على أن “طوفان الاقصى” قد يكون جزءًا من خطة كبرى لم تتم بعد بأبعادها الخارجية، لأسباب غير محددة ولكن يمكن التكهن بها، منها التهديد الأميركي لإيران بالتدخل المباشر لمنع تحقيق “وحدة الميادين” كواقع ميداني؛ وتزامن عملية الإقتحام مع الذكرى الخمسين لحرب تشرين وفيها اشارات، وأيضًا خطاب قائد حماس العسكري محمد ضيف، الذي بث مع بداية العملية، ودعا فيه إلى إطلاق عملية التحرير بالتنسيق مع محور المقاومة، وتميزت العملية العسكرية بالاحترافية العالية في التجهيز والتسليح والتدريب واختراق نظم المراقبة والمعلومات الاستخبارية الإسرائيلية، مما يجعل من الصعب تكراره بسهولة ولفترة طويلة بسبب كشف القدرات وحجم التسربات، وطبيعة العملية الاستفزازية سواء على المستوى الميداني أو الإعلامي، سواءً بالإقتحامات لمواقع فرقة غزة، وبث جزء من الآلاف من لقطات التصادم المسجلة التي تظهر مشاهد استصغار الجنود والضباط الإسرائيليين بشكل خاص، أو الاقتحامات لمستوطنات الغلاف وتعرض المستوطنين للقتل ونهب المنازل والمستودعات بهدف نشر الرعب فيهم ودفعهم للفرار من إسرائيل، ما يؤكد شيئًا واحدًا، وهو أن حركة حماس لم تهدف فقط إلى تذكير العالم بقضية فلسطين والأقصى، بل أن قطاع غزة من خلال العملية نفسها يجب أن يكون جزءًا متكاملاً ونشطًا من جبهة واسعة؛ بحيث يمكن وصف “طوفان الاقصى” بأنه كلمة السر لتحرير فلسطين؛ فلقد أدركت إسرائيل ذلك منذ اللحظة الأولى، وشعر الرعاة لهذه الكيان في الولايات المتحدة وأوروبا بذلك، مما دفعهم لإسقاط كل عبارات الإجامل الدبلوماسية السابقة والحديث الممل عن حقوق الفلسطينيين والتسوية السلمية وحل الدولتين. أصبحت المعادلة بسيطة: الدفاع عن غزة هو دفاع عن حماس. تعتبر رفع العلم الفلسطيني في المظاهرات الأوروبية مجرد دعم للإرهاب، حتى أن حذف فلسطين من الذاكرة ووسائل التواصل الاجتماعي يعني القضاء على حماس.

كل هذا لم يتم صنعه من قبل حماس أو “طوفان الأقصى”. كان مُختبئًا وراء أقنعة الزيف والنفاق، وكشف في لحظة اندلاع الخوف في إسرائيل، وهذا ما صدم الرأي العام العربي والإسلامي وما زالت الصدمة قائمة، ولم تفاجأ الحكومات بهذا بالطبع.

بسبب الاهتمام الشديد بنجاح العملية العسكرية، حدثت انتهاكات في الحفاظ على أمن العمليات، ولم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تدفق المتطفلين من سكان غزة إلى مناطق القتال في غلاف غزة، خاصة المستوطنات. وهذا سبب ارتباك في الخطة التي تقود بها قوات النخبة في تدمير الأهداف العسكرية واستعادة الأسرى الممكنين. كان بعض مقاتلي حماس منغمسين في تنظيم المدنيين الفلسطينيين لمنع الأمور من الهرب بشكل يتعارض مع الأهداف والإجراءات المتبعة في هذه الظروف، حسب تصريح مقرب من الحركة.

قد يكون العنصر الأكثر أهمية في المعادلة هو أن حماس قد حسبت على الرد القاسي من قبل إسرائيل، حيث استولت على عدد كبير واغراق من الجنود والمدنيين الإسرائيليين، بأمل منها أن تثني إسرائيل عن تدمير غزة ومواطنيها.

2- تكوّنت قوة الصدم من 1200 مقاتل حمساوي، ولم يكن متوقعاً أن ينجو منهم أحد، وفق التقديرات لقوة العدو، أي كانوا قوة استشهادية في المقام الأول. ولكن حماس فوجئت بالانهيار الكامل لغلاف غزة، فطوّرت هجومها إلى ما بعد النسق الأول؛ عاد 800 مقاتل، إلى القطاع، وبقي 400 تقريباً، لمشاغلة العدو في العمق الإسرائيلي، وما زال منهم من يقاتل حتى الآن، في أماكن مختلفة، وحيثما انفسحت فرصة للإثخان في الجيش الإسرائيلي. 3- يتبيّن من خطاب قائد كتائب القسام الذي بثّته حماس في اليوم الأول، أن الحركة كانت تعول على انضمام قوى محور المقاومة إلى المعركة فوراً ودون تأخير. وعندما ظهرت معالم الهزيمة للجيش الإسرائيلي، كانت الفرصة أكبر بكثير من الآمال والتوقعات. ولو انضم الحزب إلى المعركة بنفس الطريقة، أي بالاقتحام البري للحدود والمستوطنات القريبة، لكان له آثار مدمّرة في إسرائيل. ومع مرور الوقت واستعادة العدو لقوته الميدانية، انتهى عنصر المفاجأة. واكتفى الحزب بدعم الحركة ومشاغلة العدو على الحدود في جنوب لبنان وإنشاء خط أحمر إيراني لتحديد ساعة الصفر للتدخل إلى جانب حماس. 4- دعت حماس إلى النفير العام في العالم الإسلامي في الجمعة التالية للهجوم، وإلى اقتحام الحدود من دول الطوق. تحرّكت الجموع الهائلة في أنحاء العالم، وليس فقط في البلدان العربية والإسلامية. لكن هذه التظاهرات لم تكن تهدف إلى اختراق الحدود بغض النظر عن الكلفة البشرية، وخاصة في التعامل المباشر مع الجيوش والأجهزة الأمنية العربية. وبالتالي، فإن أي تظاهرة بعيدة عن الحدود الفلسطينية ليس لها أي أثر مهم في تغيير الموازين الميدانية. 5- مع غياب الدعم الخارجي المباشر من خلال فتح الجبهات، أصبح الاعتماد على القوة الذاتية لحماس داخل القطاع أمرًا ضروريًا. رغم أنها تحتجز شبكة طويلة ومعقدة من الأنفاق، إلا أنها تواجه هجومًا إسرائيليًا مدعومًا مباشرة من الولايات المتحدة في مجالات الإمداد والتخطيط والمعلوماتية، دون أي قيود زمنية أو شروط. وبغض النظر عن قدرة حماس على الصمود لأسابيع أو حتى أشهر بفضل كميات الأسلحة والموارد المخزنة، إلا أنها فقدت الدعم الخارجي، ولا يوجد تعويض لما يتحرق أو يتدمر. 6- وأخيرًا، يمكن اعتبار الاستعداد للرد القاسي من جانب إسرائيل من أهم العوامل في المعادلة. فحماس احتجزت عددًا كبيرًا وغير مسبوق من الجنود والمدنيين الإسرائيليين، على أمل أن تردع إسرائيل عن تدمير غزة وإلحاق الضرر بالسكان. ولكن حكومة نتنياهو فاجأت حماس بجاهزيتها لقتل الاسرى مع الأسرى. وتم قتل العديد من العائلات الفلسطينية حتى الآن في حملة إبادة شاملة بقرار همجي للقضاء على أقرباء قادة حماس. هذا يهدف إلى إجبار القادة على الخروج من الأنفاق واغتيالهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *