في ظل استمرار الإغلاق المشدد المفروض على محافظة طولكرم شمال الضفة الغربية، تتصاعد تساؤلات المواطنين حول استمرار إغلاق معبر الطيبة (الواقع جنوب المحافظة) أمام فلسطينيي الداخل المحتل (عرب 48)، في وقت يُفتح فيه معبر جلمة شمال جنين بشكل شبه طبيعي، رغم الأوضاع الأمنية المتوترة في جنين ومخيمها.
ويعتبر معبر الطيبة أحد المعابر الحيوية لسكان طولكرم، لا سيما لارتباطه اليومي مع القرى والمدن العربية داخل الخط الأخضر، حيث كان يشكّل نقطة التقاء اجتماعي وتجاري وإنساني بين عائلات فُرض عليها الانفصال بفعل الحدود والحواجز العسكرية. إلا أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي أبقته مغلقًا منذ أشهر، بذريعة “الاعتبارات الأمنية”، ما حرم مئات العائلات من التواصل، وقطع مصدر رزق عن عشرات العمال والتجار.
يقول المواطن خالد ع. من طولكرم: “لا نفهم المنطق الذي يحكم سياسة المعابر. في جلمة – رغم التصعيد في جنين واقتحامات الاحتلال المتواصلة – المعبر مفتوح لعرب 48 للدخول إلى الضفة. أما في الطيبة، الوضع الأمني في طولكرم لا يختلف كثيرًا، ومع ذلك الإغلاق مستمر. هل هناك معايير مختلفة؟”.
وتزداد حدة التساؤلات بعد تداول معلومات من مصادر محلية في بلدة الجلمة تفيد بأن فتح المعبر هناك تم بعدما نجحت الفعاليات المجتمعية والعائلات في “إبعاد المسلحين” عن ساحة المعبر ومحيطه، الأمر الذي اعتبره البعض “شروطًا أمنية غير معلنة” تفرضها سلطات الاحتلال على المجتمعات الفلسطينية.
ويرى مراقبون أن الاحتلال يطبق سياسة “العقاب الجماعي” على طولكرم، من خلال إغلاق المعابر وتشديد الحواجز، كأداة ضغط على الحاضنة الشعبية للمقاومة، في محاولة لفصلها عن الفصائل المسلحة، ودفعها نحو فرض قيود اجتماعية على المقاومين المحليين، كما حصل في جنين.
في المقابل، يُعبّر أهالي طولكرم عن رفضهم لهذه المقارنات التي تضع المجتمع بين خيارين أحلاهما مر: إما تسليم أو طرد المسلحين من المدينة، أو الاستمرار في العقاب الجماعي والإغلاق. يقول أحد وجهاء المدينة، فضل عدم ذكر اسمه: “ليس منطقياً أن يُعاقب آلاف المواطنين لأن الاحتلال يريد فرض معادلة أمنية على حساب وحدة المجتمع. نحن مع النظام، ولكن لسنا وكلاء أمنيين للاحتلال”.
من جهته، دعا الناشط الحقوقي سامي عبد اللطيف إلى ضرورة تدخل المؤسسات الدولية للضغط من أجل فتح معبر الطيبة دون شروط، مؤكدًا أن استمرار إغلاقه يمثل انتهاكًا لحقوق الإنسان الأساسية، ويمس بحق الحركة والعمل والتعليم والزيارة. وأضاف: “ما يجري هو تمييز واضح بين المحافظات، وسياسة انتقائية تزيد من شعور الظلم وتغذي الاحتقان”.
في ظل غياب أفق سياسي، واستمرار الضغط الميداني، يبقى معبر الطيبة شاهدًا على الواقع الفلسطيني المعقّد، حيث تتحكم سلطات الاحتلال بأدق تفاصيل حياة الفلسطينيين، وتوظف المعابر كأدوات عقاب وترويض سياسي، لا كمنشآت مدنية تخدم الناس.
ويبقى السؤال مفتوحًا: هل سيفتح معبر الطيبة قريبًا؟ أم أن طولكرم ستدفع ثمن موقعها الجغرافي وواقعها المقاوم في ظل معادلات لا تراعي الحد الأدنى من الكرامة والحقوق