الضفة الغربية – في أعقاب الاقتحامات العسكرية الإسرائيلية المتكررة لمخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، وعلى رأسها مخيم جنين ونور شمس، تسود حالة من السخط الشعبي في أوساط المدنيين، الذين يواجهون واقعًا صعبًا من النزوح، والدمار، وفقدان المأوى. لكن الغضب هذه المرة لم يقتصر على الاحتلال الإسرائيلي، بل اتجه أيضًا نحو الكتائب المسلحة التي يرون أنها وفرت “الذريعة” لتلك الهجمات.
في شوارع المخيمات التي غمرها الركام، وبين خيام النزوح المؤقتة، ترتفع أصوات الأهالي الغاضبة، محمّلين الكتائب مسؤولية تحويل مناطقهم السكنية إلى ميادين صراع، ما جعلها هدفًا مباشرًا للآلة العسكرية الإسرائيلية.
يقول أبو جهاد، من سكان مخيم جنين: “لا أحد ينكر حقنا في مقاومة الاحتلال، لكن لماذا يكون ذلك من داخل بيوتنا؟ لماذا يُصر المسلحون على التمركز وسط المدنيين؟ لقد أعطوا إسرائيل الحجة لتدمير كل شيء، ونحن من ندفع الثمن.”
موقف حقوقي: غياب التوازن بين العمل المسلح وحماية المدنيين
مراكز حقوقية محلية ودولية أبدت قلقها من تصاعد استهداف الأحياء المدنية، لكنها في الوقت نفسه دعت إلى ضرورة التزام الكتائب المسلحة بالقوانين الدولية التي تشدد على حماية السكان خلال النزاعات المسلحة. وقالت مؤسسة “الحق” الحقوقية في بيان لها: “الوجود المسلح داخل المناطق المكتظة بالسكان يعرض المدنيين لخطر مباشر، ويُستخدم ذريعة في الخطاب الإسرائيلي لتبرير الاعتداءات، وهو ما يتطلب مراجعة فورية لاستراتيجية العمل المسلح.”
تحليل سياسي: إسرائيل تستغل الوجود المسلح دعائيًا وميدانيًا
يرى المحلل السياسي الدكتور حسام عودة أن إسرائيل تدير عملياتها العسكرية في الضفة بحسابات دقيقة، وتنتظر فرصًا كهذه لتبرير التصعيد أمام المجتمع الدولي. ويضيف: “الكتائب تعتقد أنها تمارس دورها المقاوم، لكن ما يحدث فعليًا هو أنها تُمنح إسرائيل غطاءً ميدانيًا ودعائيًا. في ظل غياب استراتيجية مقاومة موحدة، تتحول كل مواجهة إلى عبء على المدنيين بدل أن تكون ورقة ضغط على الاحتلال.”
نداء شعبي: أوقفوا الدمار… أنقذوا ما تبقى
السكان في المخيمات المتضررة يطالبون بإبعاد أي نشاط مسلح عن مناطقهم السكنية، والتركيز على حماية المدنيين وإعادة إعمار ما دمّر. ويقول أحد وجهاء مخيم بلاطة: “نريد أن نعيش. أبناؤنا باتوا يخشون النوم. لا نريد أن نكون دروعًا بشرية لأي طرف. هذا ليس عدلًا.”
وفي ظل غياب أي أفق سياسي، وانسداد سبل الحل، يبقى المدنيون في الضفة الغربية عالقين في قلب معركة لا صوت فيها يُسمع إلا للرصاص، فيما تتوارى أصواتهم المطالبة بالحياة خلف أنقاض المنازل المحطمة