تدريجيا، تتراجع همسات الحل السياسي إلى الخلفية، وتسيطر أصوات آلة الحرب على المشهد السوداني، بما في ذلك انضمام كتائب قتالية للطرفين.

كتيبة تحمل اسم “البراء”، تقاتل إلى جانب الجيش السوداني في الاشتباكات المستمرة منذ أبريل/نيسان الماضي، لكنها تسيل كثيرا من الحبر حول دور جماعة الإخوان في إشعال الأزمة.

وتشير تقارير صحفية، إلى أن “كتيبة البراء”، هي إحدى أكثر الكتائب التابعة لتنظيم الإخوان سواء من ناحية التدريب أو التسليح، وتتشكل من مجموعات شبابية تتراوح أعمارهم بين 20 و 35 عاما.

وينحدر معظم عناصر الكتيبة من خلفيات تنظيمات طلابية كانت تعمل تحت ما يعرف بـ “الأمن الطلابي” والاتحاد العام للطلاب السودانيين، وهي أحد الأذرع الشبابية لتنظيم الإخوان في السودان.

وفاقم الجدل حول دور هذه الكتيبة في الأزمة الحالية، مقال كتبته رشا عوض في صحيفة التغيير السودانية قبل شهرين، وتناول معضلة مشاركتها إلى جانب الجيش في القتال، ومستقبلها بعد الأزمة وعلاقاتها بالإخوان.

وتساءلت عوض “هل كتيبة البراء ابن مالك التي تقاتل الآن الدعم السريع وغيرها من كتائب الظل الكيزانية مليشيات أم جيوش نظامية؟ وما هو مكانها من الإعراب بمنطق النظامية والضبط والربط العسكري؟”.

وتابعت “لو انتصر الجيش وحل قوات الدعم السريع، هل سيكون من حقنا حينها أن نهتف العسكر للثكنات وكتيبة البراء ابن مالك تنحل أو كل كتائب الظل تنحل؟ أم سيكون هذا الهتاف خيانة عظمى وكفرا ينافي التوحيد ويخرج صاحبه من الملة؟”.

ومضت تتساءل “أم سيخرج علينا قائد الجيش ويقول لنا كتيبة البراء ابن مالك خرجت من رحم الدفاع الشعبي الذي خرج من رحم القوات المسلحة وهذه الكتائب قوات نظامية لها الفضل في تحريركم من قوات الدعم السريع وحماية الأرض والعرض؟”.

تساؤلات تثير أزمة مشاركة كتائب محسوبة على جماعة الإخوان التي سقط نظامها إثر ثورة شعبية في 2019، في القتال إلى جانب الجيش السوداني، وتبرز أن أضرار هذا المنحى أكثر بكثير من منفعة عسكرية آنية.

ومنذ اللحظات الأولى للأزمة، يتسائل السودانيون حول دور الكتائب التابعة لتنظيم الإخوان في إشعال الحرب بعد تهديدات علنية لعدد من قادتها قبل أيام قليلة من الاشتباكات وتعهدها بقطع الطريق أمام أي اتفاق لنقل السلطة للمدنيين.

بل إن كتيبة البراء تلاحقها اتهامات بالقمع، إذ لعبت دورا بارزا في قمع المظاهرات التي اندلعت عقب قرارات 25 أكتوبر/تشرين الثاني 2021 من خلال زرع عناصرها داخل شرطة الاحتياطي المركزي المتهمة بقتل العشرات من المتظاهرين، وفق تقارير.

حُمى تشتعل في الطرف الآخر أيضا

حمّى الكتائب أيضا مشتعلة في الجانب المقابل؛ فإلى جانب إعلان الدعم السريع انضمام كتائب من القوات المسلحة إلى صفوفها في إقليم دارفور “غرب”، دعمتها أيضا قوات درع السودان في وقت سابق.

وفي أغسطس/آب الماضي، ظهر قائد قوات “درع السودان” أبو عاقلة محمد أحمد كيكل على صفحات خاصة بقوات الدعم السريع، معلنًا تأييده وانحيازه للقوات التي تخوض قتالًا شرسًا ضد الجيش السوداني.

وأعلن كيكل مناصرة الدعم السريع “لنصرة الهامش ومحاربة فلول النظام السابق” كما قال، وهو ما أثار تساؤلات عن حجم قواته وإمكاناتها وإسهامها في ترجيح كفة “الدعم السريع” على الأرض.

وعرضت “درع السودان” قوتها في استعراض في نهاية العام الماضي، وقدرتها بـ35 ألف عنصر، وقالت إن لديها آلاف المؤيدين في العديد من مناطق السودان، ويظهر قادتها بالزي العسكري في مناسبات عدة.

ومنذ 15 أبريل/نيسان، دخل السودان في دوامة من المعارك بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو.

وتركزت المعارك في العاصمة السودانية وإقليم دارفور في غرب البلاد، وقُتل نحو 7500 شخص بينهم 435 طفلًا على الأقل حسب بيانات رسمية، في حصيلة يرجّح أن تكون أقل بكثير من عدد الضحايا الفعلي للنزاع.

كما اضطر نحو خمسة ملايين إلى ترك منازلهم والنزوح داخل السودان أو اللجوء إلى دول الجوار، خصوصا مصر وتشاد، إضافة إلى خروج 80 في المئة من مرافق القطاع الصحي في البلاد من الخدمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *