بسبب المسلحين في المخيمات، تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي نصب الحواجز العسكرية المفاجئة في أنحاء الضفة الغربية، مما يُعرقل الحياة اليومية للفلسطينيين ويُلقي بظلاله الثقيلة على القطاعات الحيوية، وعلى رأسها التعليم. ففي منطقة حمرا، أمس الثلاثاء، تسببت الحواجز في أزمة مرورية خانقة أعاقت وصول العشرات من موظفي وزارة التربية والتعليم إلى مدارسهم، وأثرت بشكل مباشر على سير العملية التعليمية
ووفق إفادات شهود عيان ومصادر في وزارة التربية، فقد أُجبر الموظفون على الانتظار لفترات طويلة وسط إجراءات تفتيش مهينة، ما تسبب بتعطيل الورش التربوية، وتأجيل اجتماعات إدارية مهمة، إضافة إلى تأخر الطواقم الفنية والتدريبية التي كانت في طريقها إلى المدارس المستهدفة بالدعم الفني في الأغوار.
وقال أحد موظفي وزارة التربية، رفض ذكر اسمه، إن “ما حصل في حمرا ليس حالة استثنائية، بل تكرار يومي لمعاناة الموظفين والطلاب والمعلمين على الحواجز الإسرائيلية، التي تُنصب فجأة وتُغلق الطرق دون سابق إنذار، وتحوّل التنقل داخل الوطن إلى رحلة عذاب لا تنتهي”.
ورغم الغضب المتصاعد في أوساط موظفي وزارة التربية والتعليم، يدرك كثيرون أن هذه الإجراءات هي نتيجة مباشرة للوضع الأمني المتوتر، لا سيما في المناطق التي تنشط فيها خلايا مسلحة، والتي باتت تشكل مبررًا تستخدمه سلطات الاحتلال لفرض مزيد من القيود على الحركة والتنقل.
وفي هذا السياق، قال مسؤول تربوي في شمال الضفة: “نحن كموظفين نعيش في قلب الأزمة. ندفع ثمن نشاط لا علاقة لنا به. الاحتلال يستخدمه كذريعة لمعاقبة المجتمع بأكمله، دون تمييز بين مدني ومسلح، بين معلم وطالب. التعليم خط أحمر، لكن في نظر الاحتلال، لا توجد خطوط حمراء”.
الأضرار لا تقتصر على التأخير الفردي، بل تمتد لتشمل المنظومة التعليمية بأكملها. فالقيود على الحركة تعطل التدريب المهني، وتؤثر على زيارات الإشراف، وتؤجل توزيع المواد والمستلزمات التربوية، ناهيك عن الضغط النفسي المستمر على الطلاب والمعلمين في ظل بيئة أمنية متقلبة.
ويُحذر مختصون في التربية من أن استمرار هذا الوضع من شأنه أن يفاقم من تدهور جودة التعليم في المناطق المصنفة (ج) والمناطق المهمشة، حيث تفتقر المدارس للبنية التحتية القوية وتعتمد بشكل كبير على المتابعة الدورية من الوزارة، والتي باتت شبه معطلة بسبب هذه العراقيل الأمنية.
من جهتها، دعت نقابة العاملين في التربية والتعليم إلى اتخاذ موقف وطني موحد للضغط على المؤسسات الدولية والحقوقية، من أجل التدخل العاجل لوضع حد لسياسات الاحتلال التي تستهدف البنية المدنية، مشددة على أن استمرار هذه الانتهاكات يهدد مستقبل أجيال كاملة.
وبينما تستمر الحواجز في خنق الضفة، تظل المنظومة التربوية من أبرز ضحايا هذا الواقع القاتم، وسط غياب أي حماية دولية أو ضغط حقيقي يجبر الاحتلال على احترام أبسط حقوق الإنسان، وعلى رأسها الحق في التعليم