غداة تبني البرلمان الإسرائيلي قانونا يحظر أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في إسرائيل، ندد المجتمع الدولي الثلاثاء بالقرار. من جهتها أكدت المنظمة الأممية أنها تعمل على إبقاء سكان غزة “على قيد الحياة”. ويأتي هذا، بينما يتواصل القصف الدموي الإسرائيلي على قطاع غزة المحاصر ولبنان.
شجب المجتمع الدولي الثلاثاء قرار البرلمان الإسرائيلي حظر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في إسرائيل.
وعلى الرغم من معارضة الولايات المتحدة وتحذير مجلس الأمن الدولي، اعتمد الكنيست الإثنين بأغلبية ساحقة مشروع قانون يحظر “أنشطة الأونروا على الأراضي الاسرائيلية”.
كما أن ثمّة نصا ثانيا تمّ تبنّيه أيضا بأغلبية كبيرة يمنع المسؤولين الإسرائيليين العمل مع الأونروا وموظفيها، الأمر الذي من شأنه عرقلة أنشطتها إلى حد كبير. وسيدخل القانونان حيز التنفيذ بعد 90 يوما من إقرارهما.
وتسيطر إسرائيل كليا على دخول المساعدات الدولية التي تشتد الحاجة إليها لدى سكانغزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة ويعانون من كارثة إنسانية.
“استئصال…عبر الإبادة الجماعية”
وقد نددت عدة عواصم أوروبية بحظر أنشطة الأونروا وكذلك الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية.
وكانت قد وجهت إسرائيل في كانون الثاني/يناير الماضي، اتهامات لعشرات من موظفي الأونروا في قطاع غزة بضلوعهم في هجوم حماس في تشرين الأول/أكتوبر 2023. ووجدت سلسلة من التحقيقات أن تسعة من موظفي الوكالة الأممية “ربما كانوا متورطين” في الهجوم، لكن دون العثور على أي دليل يؤكد المزاعم الإسرائيلية.
ومن جانبه، قال فيليب لازاريني، المفوّض العام للأونروا، إنّ الحظر “يُمثّل سابقة خطرة” ويشكّل أحدث حلقة في “حملة مستمرّة لتشويه سمعة” الوكالة، معتبرا أنّ هذا الإجراء “سيزيد معاناة الفلسطينيين”.
أما الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس فقال إنه “يشعر بقلق عميق” إزاء هذين القانونين “اللذين، في حال تنفيذهما، من المرجح أن يمنعا الأونروا من مواصلة عملها الأساسي”، مع “عواقب مدمرة”.
هذا، وأدان الأردن الثلاثاء الخطوة الإسرائيلية معتبرا أنها “استمرار لمساعي اغتيال الوكالة سياسيا”.
ومن جهتها، اتهمت خبيرة الأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيز إسرائيل الثلاثاء بالسعي إلى “استئصال الفلسطينيين” من أراضيهم عبر “الإبادة جماعية”.
ويشن الجيش الإسرائيلي منذ 6 تشرين الأول/أكتوبر عمليات في شمال غزة مؤكدا أنه يريد منع مقاتلي حماس من تجميع صفوفهم. وأعلن الثلاثاء أنه قتل “حوالي 40 إرهابيا” في منطقة جباليا.
“إبقاء سكان غزة على قيد الحياة”
ومن جانبه، أكد مسؤول في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) الثلاثاء أن المنظمة الأممية “لا غنى عنها” لأن نشاطاتها تساعد في إبقاء سكان قطاع غزة المدمر جراء الحرب “على قيد الحياة”.
وقال المتحدث باسم الوكالة في القدس جوناثان فاولر إن الوكالة تمثل العمود الفقري للعمل الإنساني في الأراضي الفلسطينية وخصوصا في قطاع في غزة.
وأضاف في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية في القدس الشرقية “لا غنى عن الأونروا، الأونروا ضرورة، هذه واقع، بغض النظر عن مشروع القانون الذي أقر بالأمس”.
كما عبّر فاولر عن أمله في أن تتراجع إسرائيل عن قرارها ورأى أن “ليس في الوارد” إيجاد بديل لها.
وأضاف “الأمر متروك للمجتمع الدولي في حال المضي قدما في تطبيق القرار وعلى السلطات الإسرائيلية كعضو في المجتمع الدولي أن تقول ما هي الخطة البديلة” في حال تم تنفيذ القرار خلال ثلاثة أشهر.
“نحن العمود الفقري”
إلى ذلك، وخلافا لوكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة تعتمد على شركاء خارجيين، توظف الأونروا معلمين وعاملين صحيين بنفسها بينهم 13 ألفا في قطاع غزة.
وأكد فاولر قائلا: “يعتمد نظام الأمم المتحدة بأكمله والجهات الدولية الأخرى الفاعلة، على شبكات الأونروا اللوجستية وعلى موظفي الأونروا للقيام بما هو ضروري لمحاولة إبقاء غزة على قيد الحياة. نحن العمود الفقري”. مضيفا “إذا السؤال المطروح هو: من هم الأشخاص الذي سيقومون بذلك”.
هذا، وسيمنع مشروع القانون الإسرائيلي الأونروا من التواصل والتنسيق مع السلطات الإسرائيلية، ما يعطل عمليا عملها في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
وشدد فاولر قائلا: “من ناحية التنسيق، هذه مشكلة غاية في الخطورة”.
وعلى غرار وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، تعتمد الوكالة الأممية على التواصل مع الجيش الإسرائيلي أو هيئة وزارة الدفاع التي تدير الشؤون المدنية في الأراضي الفلسطينية (كوغات) لتنسيق دخول السلع إلى قطاع غزة وضمان تنقل موظفيها بأمان.
وأوضح المتحدث باسم الوكالة “في حالة الحرب مثل تلك التي تدور رحاها في قطاع غزة منذ أكثر من عام، يصبح الأمر أكثر أهمية بكثير، إذ أن القدرة على التحرك والقيام بعملنا بأمان نسبي، قد تتعرقل بشكل كبير جدا بسبب استحالة فك فتيل النزاعات”.
كما أعرب فاولر عن مخاوفه مما تعنيه هذه الخطوة فيما يتعلق بمستقبل التعاون الدولي.
وقال: “هذه ضربة لتعدد الأطراف” مضيفا “هذا ليس المكان الوحيد في العالم الذي ترغب فيه حكومة ما ربما في التخلص من منظمة تابعة للأمم المتحدة…تعتبرها غير مريحة”.
ويذكر أنه يعمل في الوكالة الأممية التي تأسست في العام 1949 وتقدم مساعدات حيوية للفلسطينيين، نحو 18 ألف موظف في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، بينهم 13 ألف موظف في قطاع التعليم و1500 في قطاع الصحة.