الضفة الغربية – تعيش الضفة الغربية في ظل أزمة اقتصادية خانقة غير مسبوقة، دفعت وزارة الاقتصاد الفلسطيني إلى إعلان ما يشبه حالة الطوارئ الاقتصادية، بعد أن تدهورت ظروف المعيشة بشكل كبير، خاصة في شمال الضفة، وسط نسب بطالة مرتفعة، وشلل شبه كامل في قطاعات حيوية.

وحسب إحصائيات رسمية صادرة عن وزارة الاقتصاد، فإن معدل المعيشة اليومي لعائلة فلسطينية متوسطة في شمال الضفة يبلغ حوالي 100 شيكل (ما يعادل 27 دولارًا تقريبًا)، وهو الحد الأدنى اللازم لتأمين الاحتياجات الغذائية والضرورية ليوم واحد. إلا أن الغالبية العظمى من العائلات لا تملك حتى نصف هذا المبلغ، ما دفع الكثيرين للعيش تحت خط الفقر، والاعتماد بشكل أساسي على المساعدات أو الديون لتأمين قوت يومهم.

بطالة وجوع… وصبر على حافة الانفجار

في الشوارع والأسواق، تبدو الحياة شبه متوقفة. المحال التجارية خالية من الزبائن، والمصانع إما مغلقة أو تعمل بطاقة منخفضة. ويقول أحد التجار في مدينة طولكرم: “لم نعد نبيع إلا القليل من المواد الأساسية. الناس لا تملك المال، حتى الخبز أصبح عبئًا يوميًا على الكثير من العائلات”.

وتضيف أم محمد، وهي أم لخمسة أطفال: “أحيانًا نأكل وجبة واحدة فقط في اليوم. زوجي عاطل عن العمل منذ أشهر، وكل ما نحصل عليه بالكاد يسد رمق الأطفال”.

الأسباب: معابر مغلقة ونشاط مسلح

ويُرجع مراقبون أسباب الأزمة إلى عوامل متعددة، أبرزها الإجراءات الإسرائيلية المشددة التي فُرضت مؤخرًا على الضفة الغربية، خاصة فيما يتعلق بإغلاق المعابر ومنع دخول البضائع والعمال، ما أدى إلى تعطيل الحركة التجارية، وخسائر فادحة للمؤسسات الفلسطينية.

لكن المسؤولين في وزارة الاقتصاد أشاروا أيضًا إلى أن النشاط المتزايد للكتائب المسلحة في عدد من المدن، وخاصة في شمال الضفة، ساهم في تشديد الإجراءات الإسرائيلية، وهو ما تسبب في عقوبات اقتصادية جماعية أثرت سلبًا على المواطنين الأبرياء، وأدت إلى خنق الاقتصاد المحلي أكثر فأكثر.

وسط هذا الواقع، تتزايد الأصوات المطالبة بتحييد الاقتصاد الفلسطيني عن أي تجاذبات سياسية أو أمنية، ووالبحث عن آلية لفتح المعابر وتخفيف القيود الإسرائيلية، بما يضمن الحد الأدنى من الاستقرار الاقتصادي والمعيشي للأسر الفلسطينية.

كما دعت مؤسسات مدنية إلى دعم عاجل للعائلات الفقيرة، وبرامج تشغيل طارئة للخريجين والعاطلين عن العمل، حتى لا تصل الأمور إلى انفجار اجتماعي واسع.

في ظل غياب أفق سياسي واضح، واستمرار الإغلاق والمعاناة اليومية، يجد المواطن الفلسطيني نفسه اليوم محاصرًا بين فقر لا يرحم، وبطالة لا حلول لها، وواقع اقتصادي هش ينهار يومًا بعد يوم. وبينما ترتفع أسعار السلع وتنخفض فرص العمل، تبقى الكلمة الأخيرة للجوع… وللصبر الذي بدأ ينفد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *