تفاقمت الأوضاع الإنسانية بشكل خطير في شمال قطاع غزة، الذي يقطنه نحو نصف مليون فلسطيني، في ظل النقص الحاد بالغذاء والدواء والمستلزمات الطبية، وباتت المجاعة تهدد سكان القطاع، مع مواصلة الجيش الإسرائيلي منع تدفق إمدادات الغذاء، وحليب الأطفال والدواء والمياه إلى شمال القطاع منذ بدء الحرب على غزة.
ووثّْقت مؤسسات حقوقية فلسطينية انتشار المجاعة والجفاف في جباليا، وبيت لاهيا، وبيت حانون، وغرب مدينة غزة، بعد أن تدمير 90% من المنازل والمنشآت في تلك المناطق، إضافةً لتدمير مقرات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، والتي لم تعد تعمل منذ عدة أشهر في شمال القطاع.
وأكدت مستشفيات شمال القطاع التي انهارت منظومتها الصحية بالكامل على مدار الأيام والأسابيع الماضية، عدم توفر الدواء والوقود المشغل لأقسامها، وأنها استقبلت أكثر من 80 ضحيةً، تم انتشالهم من تحت الركام ومن أزقة مخيم جباليا، قتلوا خلال اجتياح المخيم على مدار ثلاثة أسابيع.
واعتبر عدنان أبو حسنة، المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى، «الأونروا»، إن الأوضاع في القطاع أصبحت أكثر خطورة بعد إغلاق المعابر الرئيسية، سواء معبر كرم أبو سالم أو معبر رفح، الذي أعلنت إسرائيل السيطرة عليه.
وقال أبو حسنة، في تصريحات خاصة لـ«الاتحاد»، إن الوقود لم يدخل إلى القطاع منذ أيام عبر أي من المعابر، بما يهدد العمليات الإغاثية كافة في جميع المناطق، ويزيد من صعوبة عمل المؤسسات الإغاثية والأممية بسبب العمليات العسكرية التي أدت إلى عدم دخول الشحنات الإغاثة.
وأشار أبو حسنة إلى أن «الأونروا» تسعى جاهدة للاستمرار في تقديم الخدمات من مدينة رفح قدر الإمكان، لكن التحديات تتزايد يوما بعد يوم، معبراً عن خشيته من تدهور الوضع الإنساني بشكل عام في قطاع غزة.
ودعا المتحدث باسم «الأونروا» إلى تضافر الجهود الإنسانية والدولية للتخفيف من معاناة السكان، وتقديم الدعم اللازم للمحتاجين، داعياً المجتمع الدولي التحرك بسرعة لمساعدة السكان لتجاوز هذه الأزمة، وتقديم الدعم الذي يحتاجون إليه بشكل عاجل.
وكشف المتحدث باسم الوكالة الأممية عن أن المؤسسات الأممية والدولية تواجه ضغوطاً هائلة في تقديم الخدمات، وأن تأمين الإمدادات يشكل تحديا كبيرا، خاصة مع تزايد الطلب والاحتياجات على الموارد التي كانت شحيحة من الأساس.
إلى ذلك، قالت مصادر طبية فلسطينية، أمس، إن طفلاً يبلغ 13 عاماً، توفي في مستشفى بدير البلح وسط قطاع غزة، بسبب الجوع. ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية عن المصادر، أن الوضع الصحي في القطاع يمضي من سيئ إلى أسوأ، مع توسع العمليات العسكرية في مدينة رفح باتجاه الغرب، وخروج كل مستشفياتها عن الخدمة.
وأشارت المصادر إلى ارتفاع حصيلة ضحايا سوء التغذية والجفاف إلى 37 في قطاع غزة، مؤكدة أن الحصيلة المعلنة تعكس ما يصل للمستشفيات فقط، وأن العشرات يفارقون الحياة بصمت، نتيجة المجاعة، دون أن يتمكنوا من الوصول إلى المستشفيات. ووفق الوكالة «يواصل الاحتلال إغلاق معبر رفح منذ 26 يوماً، وسط تحذيرات من تفاقم الوضع الإنساني، بسبب توقف الإمدادات المنقذة للحياة للمدنيين في أنحاء متفرقة، خاصة في مناطق شمال قطاع غزة، التي تواجه خطر المجاعة الحقيقية».