وبعد شنّ حركة حماس هجوم 7 أكتوبر على إسرائيل وبدء الحرب، تعذّر ذهاب الفلسطينيين لأماكن عملهم في إسرائيل، بجانب قيام تل أبيب بمنع تراخيص عملهم لأسباب أمنية.

وتسبَّب نقص العمالة الفلسطينية، والتي تشكّل ثلث القوة العاملة في مجال البناء، مع ذهاب الكثيرين من الإسرائيليين للخدمة ضمن قوة الاحتياط في الحرب، ومغادرة الآلاف من العمالة الأجنبية، خاصة التايلاندية إلى بلادهم، في أزمة هدّدت بتعطيل العمل في عدة مجالات.

الحل الهندي

  • في مايو 2023، أي قبل الحرب بـ5 أشهر، وقّعت إسرائيل والحكومة الهندية اتفاقية استقدام 10 آلاف عامل هندي، نصفهم يذهب لمجال البناء والنصف الآخر يتوجّه لمجال التمريض، وفق الموقع العبري “وللا”؛ وذلك لتأمين احتياجات إسرائيل حال حدوث اضطرابات أمنية تمنع وصول عمال فلسطينيين إلى أماكن العمل.
  • 25 يناير الجاري، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، أن الحكومة الإسرائيلية تسعى إلى إحلال العمالة الهندية محل العمالة الفلسطينية، ويتراوح العدد المقرر استقدامه بين 10-20 ألف هندي خلال أشهر.
  • بجانب ذلك، ستكون الهند واحدة من أكبر الموردين لعمال البناء في إسرائيل خلال السنوات المقبلة، إن لم تكن أكبرهم، حيث تم الحصول على موافقة نحو 5 آلاف عامل حتى الآن، وحسب إعلانات التوظيف في الهند، فالرواتب تتراوح بين 1400 دولار إلى 1700 دولار شهريا.
  • تعتمد هذه الخطة على تحسن العلاقات بين نيودلهي وإسرائيل خلال السنوات الأخيرة، بعد ما كان معروفا عن الهند وقوفها بجانب القضية الفلسطينية، وظهر توثيق العلاقات في تصريح رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، لنظيره الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عقب هجوم 7 أكتوبر، الذي ذكر فيه أن الشعب الهندي يقف بحزم بجانب إسرائيل في هذا الوقت الصعب.
  • حسب ما نقلته “فرانس برس” عن السفارة الهندية في تل أبيب يوجد في إسرائيل بالفعل 18 هنديا في مجال رعاية المسنّين والذكاء الاصطناعي والألماس، بجانب طلاب، لكن الزيادة مطلوبة في مجالي البناء والتمريض بشكل خاص.
  • بلغ عدد الفلسطينيين الذين يعملون في إسرائيل والمستوطنات الإسرائيلية قبل الحرب “أعلى مستوى على الإطلاق” بأن ارتفع إلى 193 ألف فلسطيني، حسب منظمة العمل الدولية.

الحاجة للوقت

يتوقّع الخبير الاقتصادي ورئيس المعهد الآسيوي لبحوث الحضارة والتنمية، شاكيل راماي، أن يكون استقدام عمالة هندية حلا بطيئا لمشكلة نقص العمالة في إسرائيل، ويرجع ذلك في توضيحاته لموقع “سكاي نيوز عربية” لعوامل تخص إسرائيل والهند معا:

  • مِن الصعب استبدال العمالة الفلسطينية التي تعمل منذ عشرات السنوات بعمالة هندية بشكل فوري، وسيظل هناك احتياج إسرائيلي للعمال من الضفة الغربية الذين يشكّلون جزءا كبيرا من سوق العمل لديها.
  • الهند قد ترى أن الوقت، وفي ظل الحرب الدائرة في غزة، غير مناسب لإرسال العمالة الهندية إلى تل أبيب، وستنتظر نهاية الحرب حتى لا يتعرّض مواطنوها للخطر.
  • إرسال عمالة هندية الآن لتحل محل الفلسطينية ربما يُحسب سياسيا على الهند، وهي تريد أن يكون لها موقف محايد، وعُرفت تاريخيا بوقوفها بجانب القضية الفلسطينية، ولا تريد أن تضع نفسها في هذا الموقف حاليا.

“شبه مستحيل”

يتّفق الباحث المتخصص في الاقتصاد السياسي، أحمد القاروط، في أن الأمر يحتاج إلى وقت، وبدوره يرجع ذلك في حديثه لـ”سكاي نيوز عربية” إلى:

  • عدد العمالة الفلسطينية في إسرائيل نحو 200 ألف، واستقطاب كم كبير من العمالة من بلد آخر بشكل عاجل شبه مستحيل.
  • الفلسطيني الذي يعمل في إسرائيل يذهب لعمله في الصباح ويعود إلى بيته في الضفة الغربية وقطاع غزة في المساء، ومحاولة جلب العمالة من الخارج يتطلّب توفير مساكن لهم، وهو أمر غير متاح.
  • العمالة الجديدة ستحتاج إلى تدريب على نظام البلد ونظام العمل في المصانع والمزارع أو غيرها، إضافة إلى حاجز اللغة، وحتى لو تغلبت إسرائيل على كل الصعوبات ستأخذ وقتا طويلا في تدريبهم للحصول على ما تريده منهم، وهي لا تملك رفاهية حاليا بسبب الضغوط الاقتصادية ونقص العمالة في بعض القطاعات.
  • هناك مشكلة أخرى، وهي توفير الأمن للعمال الوافدين، لا سيما مَن سيعمل منهم في مستوطنات الضفة الغربية، ووضع احتمالات بشأن التعامل مع إمكانية قتل البعض منهم في هجمات مسلَّحة.