“خُذ عيوني لكن لا تقترب من خبزي”، هكذا يقول التونسيون فيما يشبه المثل الشعبي الذي يختزل مكانة المكون المحوري في غذاء هذا الشعب.
والخبز يطلق عليه التونسيون اسم “الباغيت” (التسمية الفرنسية) وهو مادة أساسية ترافق جميع الأكلات، إضافة إلى رمزيته في تاريخ تونس الحديث.
ولذلك، فإن أي نقص أو غياب قد يشعل نيران غضب من شأنها أن تتمدد سريعا لتحرق السياسيين، وهذا ما يمكن أن يكون حصل في ظل التطورات الراهنة.
بسبب “الباغيت”؟
في قرار مفاجئ، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد قرابة منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء، إنهاء مهام رئيسة الحكومة نجلاء بودن وتعيين أحمد الحشاني خلفا لها، طالبا منه مواجهة “تحديات كبيرة” والحفاظ على “الدولة”.
ولم يُعط سعيد أيّ سبب رسمي لقرار إعفاء بودن وتعيين مسؤول سابق في المصرف المركزي التونسي بدلا منها، لكنّ عددا من وسائل الإعلام المحلية سلّطت الضوء على استياء سعيّد من نقص في عدد من المواد في البلاد، ولا سيّما الخبز في المخابز المدعومة من الدولة.
وجاء في مقطع فيديو وبيان نشرتهما الرئاسة ليل الثلاثاء أنّ سعيّد “قرّر مساء اليوم… إنهاء مهام السيّدة نجلاء بودن رمضان” التي كانت أوّل امرأة تقود حكومة في تونس.
وكان الحشاني يعمل في البنك المركزي ودرس في كلّية الحقوق بجامعة تونس حيث كان سعيّد مدرّسا، حسبما قال رئيس الحكومة الجديد في صفحته بموقع فيسبوك.
وعلى الفور، أدّى رئيس الحكومة الجديد، غير المعروف لدى عامّة الناس، اليمين الدستورية أمام سعيّد، حسبما أظهر مقطع فيديو نشرته الرئاسة.
وفي أعقاب تأديته اليمين، تمنّى له سعيّد “التوفيق في هذه المسؤوليّة التي سيتحمّلها في هذا الظرف بالذّات”، مشيرا إلى وجود “تحدّيات كبيرة لابدّ أن نرفعها بعزيمة صلبة وبإرادة قويّة للحفاظ على وطننا وعلى دولتنا وعلى السلم الأهلي”.
وفي الأيام الأخيرة، عُقِدت اجتماعات عدّة داخل الحكومة، وبين الرئيس والوزراء، بشأن مشكلات نقص الخبز المدعوم في مناطق عدّة.
وفي لقاء جمعه قبل أيام برئيسة الحكومة نجلاء بودن ووزيرة المالية سهام البوغديري بمقر رئاسة الحكومة بالقصبة، حذر سعيد من أن الباغيت “خطّ أحمر بالنسبة للتونسيّين” وأنه يخشى تكرار أحداث الخبز التي أودت بحياة 150 شخصا عام 1984 في عهد الحبيب بورقيبة.
وأحداث الخبز، تعود لأواخر ديسمبر/ كانون الأول 1983 وأوائل يناير/كانون الثاني 1984، حيث انطلقت شرارتها الأولى في مدينة دوز التابعة لمحافظة قبلي (جنوب) وصولا إلى العاصمة.
وشهدت تلك الأحداث مظاهرات أسفرت عن مواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن وأدت إلى سقوط عشرات القتلى، إضافة إلى عدد كبير من المعتقلين بينهم طلبة وتلاميذ.