كان الغرب يعتبره ذات يوم أفضل أمل للتقارب مع موسكو خلال فترة رئاسته بين عامي 2008 و2012، إلا أنه بات اليوم أحد أكثر الأصوات الروسية المتشددة المؤيدة لـ”حرب أوكرانيا” والداعية إلى استخدام السلاح النووي.
إنه الرئيس الروسي السابق، ونائب رئيس مجلس الأمن الروسي الحالي، ديمتري ميدفيديف، الذي تحول من تكنوقراطي لطيف يعشق التكنولوجيا ودود للغرب إلى “صقر حرب مجنون”، كما وصفته صحيفة “فورين بوليسي” الأمريكية.
فمن هو ديمتري ميدفيديف؟
ولد ديمتري ميدفيديف في مدينة سان بطرسبرغ الروسية، في 14 سبتمبر/أيلول عام 1965، وفي عمر الـ17 التحق بجامعة ليننغراد لدراسة القانون، ليتخرج فيها بعد 12 عامًا، وتحديدًا في العام 1987.
وما إن انتهى من دراسة القانون، حتى انخرط في تدريس القانون المدني والروماني في جامعة سان بطرسبورغ، حتى عام 1999.
التحول للسياسة
وباقترابه من نجم السياسة الروسية الساطع -آنذاك- فلاديمير بوتين، شق طريقه إلى الكرملين، ومنه إلى حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2000، التي ترأسها، ليقود الأول إلى الكرملين، رئيساً لروسيا.
ولثمانية أعوام لاحقة، بات ميدفيديف ظل بوتين وذراعه في محاربة الفساد المالي، ليتقلد منصب رئيس مجلس إدارة شركة “غاز بروم”، الحكومية الروسية.
سياسة الباب الدوار
ووفقًا لسياسة الباب الدوار، بات ميدفيديف في 2008 ثالث رئيس للاتحاد الروسي، خلفًا لبوتين، الذي لم لتسمح له القوانين الروسية بأكثر من فترتين رئاسيتين.
إلا أن الرئيس الروسي الجديد -آنذاك- دفع بسلفه إلى منصب رئيس الوزراء، في اليوم التالي من تنصيبه رئيسًا، كما وعد خلال حملته الانتخابية، في فترة عرفت باسم “السلطة الروسية المزدوجة”.
وفي ظل رئاسة بوتين عام 2012، تبادل وسلفه الأدوار، فعاد ميدفيديف مرة أخرى، رئيساً للوزراء ليستمر في منصبه حتى قدم استقالته في العام 2020، في قرار كان بمثابة مفاجأة للجميع -آنذاك-.
إلا أنه “من الواضح أن بوتين وقتها كان يفكر في شيء آخر، أبعد مما يتراءى لرقبائه في الكرملين”، تقول “فورين بوليسي”، مشيرة إلى أنه من هذا المنطلق بدأ الحديث عن المكانة الجديدة لميدفيديف، رئيس حزب “روسيا المتحدة” الذي عين نائباً لرئيس مجلس الأمن الروسي، في منصب سيتيح له أن يلعب دوراً مهماً أكثر بكثير من وراء الستار.
وقبل فترة قصيرة على بدء روسيا تعزيز وجود قواتها على الحدود مع أوكرانيا، نشر ميدفيديف مقالًا في صحيفة “كوميرسانت” الروسية، تضمن الكثير من العبارات عن نظريات المؤامرة وازدراء قادة أوكرانيا؛ فاتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليهودي، بأنه ممتن للنازيين.
تهديدات النار والكبريت
موقف قالت عنه “فورين بوليسي”، إن “تهديدات النار والكبريت” أصبحت هي القاعدة من كبار المسؤولين الروس والمذيعين على شاشة التليفزيون الحكومي الروسي، ما “يعكس انزلاق الرئيس السابق في غضب بالكاد يمكن فهمه ضمن التحول الروسي الأوسع نطاقا من جار مزعج إلى تهديد وجودي على أوروبا، وربما أسوأ”.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإنه بإدراكه للصقور المتشددين المحيطين، يرجح أن تكون نوبات غضب ميدفيديف محاولة لكسب ود المناخ السياسي الجديد في روسيا، الذي أصبح أكثر قومية بشكل واضح وغير متسامح مع المعارضة منذ العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا في فبراير/شباط.
وأضافت ستانوفايا: “روسيا تغيرت. ويتعين على ميدفيديف أن يظهر أنه ينتمي إلى روسيا هذه”.
وفي تصعيد للهجته ضد أوكرانيا، قال الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف، أواخر يوليو/تموز الماضي، إن موسكو كانت ستضطر لاستخدام السلاح النووي لو كان الهجوم المضاد الذي تشنه كييف حاليًا ناجحا، مؤكدًا أن روسيا ستكون مضطرة للتراجع عن عقيدتها النووية في مثل تلك الحالة.
وحول الخيارات الروسية حال نجاح أوكرانيا في هجومها المضاد، أضاف الرئيس الروسي السابق، “تخيلوا لو نجح الهجوم المدعوم من حلف شمال الأطلسي واستقطعوا جزءاً من أرضنا، حينها كنا سنضطر إلى استخدام السلاح النووي (..) ببساطة لن يكون هناك خيار آخر، لذا يجب على أعدائنا الدعاء من أجل نجاح محاربينا، إنهم حريصون على عدم إشعال فتيل حرب نووية عالمية”.