لا غنى عن لقمة العيش، تلك التي يحيا الجميع من أجل توفيرها، وفي ظل تضييف الخناق على الفلسطينيين داخل أرضهم، يظل معبر “إيرز” أو بيت حانون الملاذ الأول لهم، من أجل العمل وتوسيع النشاط التجاري هناك.
إسرائيل تقوم بين الفينة والأخرى بإغلاق معبر إيرز لتشديد الخناق على الفلسطينيين في لقمة عيشهم، بالإضافة إلى منع دخول العمال من قطاع غزة عبر المعبر – الكائن شرق القطاع -، إلى إسرائيل وذلك بسبب تجدد الاحتياجات الشعبية هناك على السياج الحدودي الفاصل لقطاع غزة.
وفي الأصل، معبر بيت حانون أو معبر “إيرز”، يقع في أقصى شمال قطاع غزة بين غزة وإسرائيل، وهو مخصص للمشاة والحمولات، وهو بالطبع تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، ويستخدم حالياً لنقل المرضى والمصابين للعلاج في الأردن أو إسرائيل أو الضفة الغربية، كما يعبر من خلاله الدبلوماسيين والبعثات الأجنبية والصحفيين والعمال والتجار الفلسطينيين وغيرهم ممن يملكون تصريح للعبور إلى إسرائيل، وتغلقه السلطات الإسرائيلية من فترة إلى أخرى، إلا أن عمال غزة يطالبون بفتح المعبر مرارا وتكرارا.
وكان قد تم إغلاق المعبر لأسباب سياسية تستخدمها إسرائيل ضد غزة لأول مرة منذ عام 2008، حيث كانت تمنع في السابق إصدار التصاريح لهم، لكنها ومع ضغوطات دولية ومصرية سمحت لهم بالمرور عبر إيرز للعمل في إسرائيل والضفة، وبدأ هذا بمنع إدخال السلع والمعدات والمواد الخام المشغلة للمصانع والقطاعات الإنتاجية، وصولا إلى ما حدث مؤخرا من منع العمال.
ومن قبل، حدثت عدة أحداث في الانتفاضة الفلسطينية الثانية ارتبطت في المعبر، منها قيام ريم الرياشي وهي استشهادية فلسطينية بتفجير نفسها على المعبر، لذلك يخشى الصهاينة فتحه.
وفي الحقيقة، منذ عامين، يتوجه آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة للعمل في الضفة الغربية وإسرائيل بناء على تصاريح تقدمها تل أبيب تتيح لهم المرور عبر معبر “بيت حانون” “إيرز”، للوصول إلى أماكن عملهم، في ظروف اقتصادية صعبة يمر بها القطاع المحاصر منذ 17 عاما، لكن تهددهم إسرائيل في كل وقت بإغلاقه وتتفيذ حصار اقتصادي على الفلسطينيين، فبأي منطق تفعل هذا؟!
وأصبح هذا المعبر ورقة ضغط وتهديد تستخدمها إسرائيل لتحقيق مكاسب أمنية من أجل تحقيق الهدوء، وكذلك مكاسب أخرى كردع الفلسطينين عن المشاركة في أي أعمال فردية أو جماعية ضد إسرائيل، من خلال تهديد العمال بسحب تصاريحهم في حال شاركوا أو أحد أقربائهم في هذه الأعمال.. وهذا بالتأكيد سلوك منافي للإنسانية.
أما عن الخسائر الاقتصادية إثر إغلاق معبر إيرز، فحدث ولا حرج، حيث بلغت ملايين الدولارات، وتستغل تل أبيب المناسبات العالمية والأعياد لفرص هذا النوع من الحصار الاقتصادي على الفلسطينيين.. فلماذا كل هذا؟!
ما يحزن أكثر، أن إسرائيل لم تفصح عما إذا كانت ستعاود فتح المعبر أمام العمال بشكل دائم أمل لا، لأنها ببساطة تستخدمه كورقة ضغط دائمة لها حتى تتحكم في الأرض.
كان لرئيس النقابات في قطاع غزة سامي العمصي، تصريحات صحفية، قال فيها إن إغلاق المعبر لمدة 10 أيام متتالية يكبد عمال غزة خسائر كبيرة تزيد عن 11 مليون دولار أمريكي، وذكر أن الخسائر كبيرة بالنسبة للعمال الذين يعانون من أوضاع اقتصادية صعبة جراء استمرار الحصار، والذين حصلوا أصلا على تصاريحهم قبل أشهر قليلة فقط لم تتح لهم فرصة تحسين أوضاعهم المادية، كما تواصل إسرائيل عقابها الجماعي المخالف لكافة المعايير والمواثيق الدولية والأممية على آلاف العمال، بحجج واهية لتحقيق أهداف أمنية، فلماذا يصمت الجميع عن هذا؟!
ومازالت “تل أبيب” تتحدى حقوق الإنسان وتواصل الحصار الاقتصادي بغلق المعبر، وبذلك المنطق يحتج العمال الفلسطينون بين الحين والآخر على هذا الحصار، مطالبين بضرورة كسره.. فما رد نتنياهو هنا؟
وتتفنن إسرائيل في امتهان سياسة العقوبات الجماعية في أي مكان في الأراضي الفلسطينية لردع السكان من الانخراط في المقاومة، خاصة بعد ممارستها سياسة تضييق مساحات الصيد بغزة وإغلاق المعبر بشكل كامل أو جزئي وفرض تشديدات على دخول البضائع، وغيرها من السياسات الشاهدة على الانتهاكات الإسرائيلية.
عائلات العمال ما لبثت وأن بدأت تتنفس بعد الضغوط الاقتصادية الكبيرة التي فرضتها عليهم البطالة جراء الحصار إلا أنها عادت لهذا الضيق ثانية جراء إغلاق المعبر ورفض بعض التصاريح، فمن ينقذ هؤلاء؟!
وبعد كل هذا الحصار بكافة أشكاله الذي تمارسه إسرائيل على فلسطين، متى يتوقف مسلسل العقوبات، ومتى يظل “معبر إيرز” ورقة ضغط وتهديد تستخدمها إسرائيل ضد شعب فلسطين؟!