منعطفٌ خطيرٌ يتخذه مسار الانقلاب العسكري في النيجر، يُنذر بتشكيل رقعة ملتهبة بداء الإرهاب.
ففي حين تعلو أصوات المجتمع الدولي ومعه الإقليم، من مخاطر وتداعيات أي تدخل عسكري محتمل للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس” لاستعادة السلطة في النيجر، تتحدث تقارير إعلامية عن نقل تنظيم “داعش” الإرهابي جزءا من مسلحيه في الساحل الأفريقي إلى أطراف بحيرة تشاد.
هذا ما نقلته صحيفة “ديلي تريست” عن مصدر أمني كبير، قال إن “مجموعة كبيرة من داعش غرب أفريقيا، تنتقل من قاعدتها في الساحل والنيجر إلى أطراف بحيرة تشاد والشمال الغربي”.
وأضاف أن “ولايات كاتسينا وكادونا وزامفارا وسوكوتو الشمالية الغربية تشهد هجرة جماعية لمسلحي داعش من النيجر”.
ووفقا لمطلعين عسكريين، فإن مسلحي تنظيم “داعش” الذين يتحركون بأسلحة متطورة، يفرون خوفا من التدخل العسكري المحتمل للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا وإغلاق الحدود في جمهورية النيجر.
ومن بين أبرز قيادات داعش غرب أفريقيا، بحسب الصحيفة، أبو بكر مودو ، وشيك بعانا دجوم ، ومارتي الوادي ، ومحمد بن أبو بكر ، والمنصور الدواهيلي مودا، وغيرهم مع مئات من عناصرهم يقال إنهم في حالة تحرك.
وقال المصدر نفسه “لدينا العديد من التقارير التي تشير إلى أنه في اليومين الماضيين ، كان هناك تحرك هائل من داعش إلى الفضاء النيجيري”، مؤكدا أن هذا الأمر “يشكل تهديدا أمنيا كبيرا للمنطقة بأسرها”.
ويعتقد كثيرون أن أي تدخل عسكري في النيجر، سيكون له تداعيات أمنية في منطقة بحيرة تشاد بأكملها والشمال الغربي على التوالي.
وقال المحلل السياسي، إبراهيم جوامنا مشليزا، للصحيفة، إن الإجراءات التي اتخذتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا بشأن النيجر لها عواقب وخيمة على الأمن في نيجيريا.
وتابع “هذه التطورات تحدث في وقت كنا نشهد فيه بعض الارتياح لأن المتمردين حول بحيرة تشاد قد هُلكوا”.
ولفت إلى أن تحرك عناصر داعش في منطقة الساحل مباشرة من مالي نزولا إلى بوركينا فاسو، ومن ثم النيجر وحتى نيجيريا، يعني أنه “سيتعين على القوات المسلحة النيجيرية زيادة قوتها وعدد الجنود”.
وباتت القارة الأفريقية مسرحا لأخطر التنظيمات الإرهابية المحلية والوافدة إليها من مناطق نزاع أخرى، التي ارتكبت مئات الهجمات في العقد الأخير، موقعة مئات القتلى والجرحى، فضلا عن نزوح الملايين.
وبحسب دراسة بحثية للدكتور جليل لوناس الباحث الجزائري وأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية في المغرب، ينشط 13 تنظيما إرهابيا في 13 بلدا أفريقيا، يتصدرها “داعش” المنتشر في 9 دول أفريقية، لا سيما بمنطقة الساحل.
وتقول دراسات بحثية وأمنية، إن القارة الأفريقية دخلت في عام 2021 مرحلة تفاقم المد الإرهابي وتهديداته، ولم تعد الظاهرة محلية في دولها، وإنما أصبحت القارة أفريقيا نموذجاً لـ”الإرهاب العابر للحدود”.
ناهيك عن أن القارة السمراء أصبحت مكانا مفضلا لتنظيم “داعش” بعد خسارته “الخلافة” المزعومة، عام 2019، في العراق وسوريا.
مالي وبوركينا فاسو والنيجر
ووفق دراسة لوناس، التي اطلعت عليها تنشط في مالي وبوركينافاسو والنيجر، 7 تنظيمات إرهابية.
ويتعلق الأمر بـ”جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”، و”أنصار الدين”، و”جبهة تحرير ماسينا”، و”المرابطون”، و”إمارة الصحراء” التابعة لما يسمى بـ”تنظيم القاعدة ببلاد المغرب”.
بالإضافة إلى تنظيمين إرهابيين آخرين تقول الدراسة إنهما من أكبر التنظيمات الإرهابية بالساحل، وهما: “أنصار الإسلام” و”تنظيم داعش في الصحراء الكبرى”.
منطقة البحيرات
وفي منطقة البحيرات الكبرى المحاذية والمتداخلة مع منطقة الساحل تنشط 3 تنظيمات إرهابية وفق الدراسة البحثية نفسها.
ولفتت الدراسة إلى أن جماعات إرهابية مثل “بوكو حرام”، و”تنظيم داعش – ولاية غرب أفريقيا”، و”تنظيم الأنصار”، تنتشر في نيجيريا والنيجر والكاميرون وتشاد.
ويرى خبراء أن تنظيم “داعش” يواجه صعوبة أمام تنظيم القاعدة، في الحفاظ على وجوده في المناطق الشرقية والوسطى والشمالية في بوركينا فاسو، وفي وسط مالي، ولذلك يبحث عن مد نفوذه في مناطق أخرى، منها بنين ونيجيريا، وضم جماعات الجريمة المنظمة المحلية.