سجل الحراك المصري في ملف غزة هذه الأيام زخماً وشمولية مقارنة بما سبق، بالنظر إلى المواضيع التي ناقشتها المخابرات المصرية مع وفد حركة حماس برئاسة إسماعيل هنية، وحركة الجهاد الإسلامي بقيادة أمينها العام زيادة النخالة بداية الأسبوع، بالموازاة مع لقاءات ذات بُعد اقتصادي و”مهني” مع السلطة الفلسطينية.

 

التهدئة..والمشاريع

وقالت مصادر من الحركتين ، إن لقاءات القاهرة هدفت إلى معالجة هدفين رئيسيين: الأول تثبيت التهدئة ومنع التصعيد، خاصة بعد العدوان الإسرائيلي الذي استهدف الجهاد في غزة في أيار/مايو. أما الغاية الثانية، فهي بحث آليات تنفيذية لمشاريع اقتصادية “مهمة” لتثبيت التهدئة.

وقال رئيس شبكة الأقصى التابعة لحماس، وسام عفيفة، إن المسعى المصري لتثبيت التهدئة يندرج ضمن دور دائم، لكنه تعزز بموجب قمتي العقبة وشرم الشيخ، لخفض التصعيد، وفق الرؤية الأميركية.

وأشار عفيفة إلى أن استئناف الجهد المصري بعد جولة التصعيد الأخيرة؛ يأتي منعاً للتدهور، خاصة في ظل سخونة الأجواء المرتبطة بساحات أخرى، لا سيما الإيرانية وارتداداتها. وتابع: “هناك حرص مصري وإقليمي على أن تبقى غزة بعيدا عن أي تصعيد مرتبط بساحات أخرى”.

 

خلاصات المعركة الأخيرة

وكشف قيادي من حماس، عن محرك آخر للجهد المصري، يكمن في محاولة البناء على نتائج معركة غزة الأخيرة، كون حماس أثبتت أن لديها “القدرة على التحكم في سلوكها وإدارة المعركة ببعد استراتيجي بعيداً من ردات الفعل، ما يعزز حضورها كلاعب أساسي”.

وكشف القيادي الحمساوي أن إحدى غايات لقاء القاهرة هي تذليل أي تباينات بين حماس والجهاد، وتعزيز التنسيق بينهما، ومع مصر، لضبط الميدان ومنع الانفجار.

بدوره، قال مصدر من الجهاد الإسلامي ، إن المخابرات المصرية اجتمعت مع وفد الحركة الاثنين، بشكل منفصل عن حماس. ووصف الاجتماع ب”الإبلاغي”؛ أي إخبار الجهاد بضمانات إسرائيلية بعدم تنفيذ اغتيالات جديدة في صفوفها، بشرط التزام الحركة بتثبيت التهدئة، لكنّ المخابرات المصرية حذرت الجهاد من أنها لا تستطيع ضمان التعهد الإسرائيلي، ما بدا “طلباً ضمنياً” من الجهاد ب”تحييد” غزة عن الساحات الخارجية وتأثيراتها، درءاً لاغتيالات إسرائيلية مستقبلاً.

وبحسب المصدر، كان اجتماع الجهاد بالمخابرات المصرية مختصراً، وتركز على إبلاغها بالتعهد الإسرائيلي وتثبيت التهدئة؛ ذلك أن مباحثات قد سبقته بشأن التهدئة وتفصيلاتها، حينما التقى وفد مصري قيادة الجهاد في بيروت مؤخراً.

 

الاقتصاد..أيضاً

وحضر ملف الاقتصاد في لقاءات القاهرة بقوة إلى جانب الأمن، باعتباره مانعاً لصواعق التفجير، بمنظور مصري ودولي.

وأفادت مصادر حمساوية “المدن”، بأن مصر لديها الآن مشاريع مرتبطة بغزة، متمثلة بمنطقة تجارية أقيمت على الحدود المصرية-الفلسطينية، وقد شارفت على الإنجاز، وأخرى قيد البحث مثل إقامة ميناء فلسطيني، وإمكانية تشغيل مطار في العريش لسفر سكان غزة.

وما عزز الملف، أيضاً، زيارة وفد حكومي من السلطة برئاسة محمد اشتية إلى القاهرة قبل أيام، ضمن مباحثات لترتيب الأوراق الفلسطينية؛ وتنسيق الآليات التنفيذية لتفعيل المشاريع الاقتصادية. وتفيد مصادر حماس، بأن مصر معنية بعنوان السلطة ولا ترغب بتجاهلها تماماً؛ لأسباب سياسية وأمنية وقانونية، ما دفع إلى مساعٍ مصرية للتقريب بين حماس والسلطة اقتصادياً، لدفع المشاريع قُدماً.

وفي حين، نفى وزير فلسطيني ل”المدن”، أي علاقة بين لقاءات الفصائل في القاهرة، ومباحثات السلطة مع المصريين، بدعوى أن الأخيرة عنوانها “تعزيز التعاون الاقتصادي”، إلا أنه أقرّ في الوقت ذاته بأن غزة “موضوع مشترك”. وكشف أن تفعيل حقل الغاز قبالة غزة يُبحث بقوة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *