بدخول العملية العسكرية الإسرائيلية في جنين يومها الثاني يبدو المشهد مقلقا، لكن التقديرات تشير إلى قرب نهاية الأزمة التي استجدت بالضفة.

ورغم أن العملية لا تزال مستمرة، إلا موعد نهايتها غير معلوم، فيما لا يعرف هل تتوسع بمبادرة من الجيش الإسرائيلي أو الفصائل الفلسطينية.

ما يتضح حتى الآن أن العملية محدودة، وأن طرفي الصراع ليسا في وارد الاستمرار في مواجهة يجمع العالم على معارضتها وإدانتها، فيما يبدو أن الفصائل الفلسطينية وخاصة حماس، ليست متحمسة لبدء حرب في هذه الأيام.

تتبعت أفق العملية العسكرية الإسرائيلية، مع خبراء ومحللين، للوقوف على ما تخبئه الأيام القادمة.

النطاق جنين حتى إشعار آخر

تتضارب التحليلات حول أفق العملية الجارية بجنين في الضفة الغربية، ويقول مسؤول إسرائيلي كبير إن إسرائيل ستُقصر عمليتها العسكرية على النطاق الجغرافي الحالي، بينما أشار إلى أن “الأحداث تفرض نفسها وهناك إمكانية لأن تتوسع الى مدن أخرى بالضفة الغربية مثل نابلس ورام الله وغزة وحتى لبنان”.

وأضاف المسؤول، الذي تحدث  شريطة عدم كشف هويته: “تم أخذ هذا السيناريو بعين الاعتبار ونحن مستعدون لكل السيناريوهات”.

وتابع: “ولكن حاليا فإن العملية محددة بمنطقة جغرافية واحدة وهي جنين وستنتهي بمجرد تحقيق الأهداف التي وضعت لها”.

ووصف المسؤول الإسرائيلي العملية العسكرية في جنين ومخيمها بالتحدي الهائل نظرا لصغر مساحة المخيم وكثافته السكانية.

وقال: “إنه تحدّ عملياتي هائل وقد كنا نخطط لهذه العملية على مدى فترة طويلة جدا ولقد تم إقرارها قبل أسبوع ولكننا عملنا على هذه العملية لفترة طويلة جدا للتأكد من حصولنا على المعلومات الاستخبارية الصحيحة والأسماء الصحيحة”.

وأردف: “توجد الكثير من القوات على الأرض ولكن وجودها هو للتأكد من عدم دخول أو خروج المطلوبين بحيث يكون بإمكاننا إلقاء القبض على المسلحين”.

وأوضح أن “مشاركة أعداد كبيرة من القوات يسهم في إنهاء العملية بشكل أسرع وبطريقة أنجع”.

وأشار المسؤول الإسرائيلي إلى أن “اولويتنا أن نركز على المسلحين والتأكد من عدم المس بالأبرياء… من الممكن أن تحدث أخطاء في العمليات”.

من جانبه قال جمال حويل، الناشط الفلسطيني في مخيم جنين في حديث  العملية العسكرية الإسرائيلية كانت متوقعة، فالإعلام والمسؤولون الإسرائيليون يتحدثون عنها منذ أسابيع”.

لكنه شدد على أن “الوضع في المخيم صعب، فهناك عملية قصف من طائرات بدون طيار وجرافات ضخمة تدمر الشوارع وقناصون على أسطح المنازل وعمليات إطلاق نار متواصلة”.

وتابع حويل: “تم قطع الكهرباء والمياه وتم تهجير المئات من سكان المخيم تحت وطأة الهجمات الجوية والإطلاق العشوائي للرصاص”.

وكانت جرافات إسرائيلية كبيرة دمرت الشوارع في المخيم بداعي البحث عن عبوات ناسفة وقنابل.

وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن 10 فلسطينيين قتلوا و100 أصيبوا بينهم 20 في حالة الخطر منذ بدء العملية الإسرائيلية.

واستنادا إلى تقديرات الجيش الإسرائيلي فإن 1500-3000 فلسطيني نزحوا عن المخيم منذ بدء العملية.

وذكر الجيش الإسرائيلي أن قواته، يبلغ قوامها أكثر من 1000 جندي، تواجه من قبل مسلحين فلسطينيين.

دفاع مشروع عن النفس

 

وفي هذا الصدد أشار حويل إلى أن “المواطنين في المخيم هم في حالة دفاع عن النفس، والمقاومون يدافعون عن مخيمهم وعن فلسطين… لا ننسى إلى أن لدى المقاومين في المخيم تجربة طويلة في مواجهة قوات الاحتلال”.

وأضاف حويل: “في العام 2002 دمر الجيش الإسرائيلي المخيم واعتبر نفسه منتصرا وها هو الآن يعود للمهمة ذاتها ولكنه فاشل”.

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن بأن العملية تتركز فقط على جنين ومخيمها وأن لا نية لديه لإعادة احتلال المنطقة من جديد.

وقال الرئيس السابق لهيئة الاستخبارات الإسرائيلية عاموس يادلين: “في اليوم الثاني لعملية “بيت وحديقة” في جنين، يتضح أنها عملية مستهدفة، من حيث أهدافها، ومدى القوات في المكان والزمان”.

وأضاف في تغريدات على حسابه في تويتر: “الغارة دقيقة وذات توجه استخباراتي وهي ليست احتلالاً وتطهيراً واسع النطاق وبدون احتكاك كبير، وحتى الآن، تم اعتقال أكثر من 120 مشتبهًا، وقتل 10 مسلحين وجرح حوالي مائة”.

ولاحظ يادلين من عمليات الجيش الإسرائيلي وعشرين غارة جوية، أن “العدو اختار الاختفاء عبر الاندماج في السكان وتجنب القتال، من أجل البقاء على قيد الحياة والعودة إلى النشاط بعد العملية”.

وأضاف يادلين: “من جانبه، يعمل الجيش الإسرائيلي بطريقة دقيقة ومضبوطة، ويسعى جاهدًا لتجنب إلحاق الأذى بالأشخاص غير المشاركين حتى على حساب خسائر أقل للعدو”.

وتابع: “وتداهم القوات أهدافًا حددتها المخابرات وضرب المسلحين النشطين، لكن لا تنتقل من منزل إلى منزل ولا تسعى إلى احتكاكات عالية، الأمر الذي يكلف العديد من الضحايا من كلا الجانبين”.

ويرى المحلل الفلسطيني زياد أبو زياد أن الحل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي هو سياسي؛ قائلا إنه “طالما استمر الاحتلال والقمع فإنه ستكون هناك مقاومة، فالمشكلة ليست أمنية وإنما سياسية”.

وأضاف في تصريحات  أن “المرض هو وجود الاحتلال، ومعالجة المرض تكون جذرية وذلك بإيجاد حل سياسي”.

ورأى أبو زياد، وهو وزير سابق في الحكومة الفلسطينية، أن “ما يجري هو موجات يعبر من خلالها الفلسطينيون، خاصة الشبان، عن أنهم يريدون العيش بحرية وكرامة”.

وكان مسؤولون إسرائيليون قالوا إنهم لا يستبعدون أن تتوسع دائرة القتال لتشمل أنحاء متفرقة من الضفة الغربية وقطاع غزة.

ولكن مصادر فلسطينية مطلعة قالت “لقد أبلغت حماس الوسطاء بأنها غير معنية بأن تنضم غزة إلى المعركة”.

ورجحت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن تنتهي العملية الإسرائيلية في جنين خلال الساعات القادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *