لا تنفك المصادر الإسرائيلية عن التأكيد بأن حركة “حماس” لا تشارك في المعركة التي تخوضها تل أبيب ضد الجهاد الإسلامي في قطاع غزة.
مسؤولون إسرائيليون أكدوا أن تل أبيب وجّهت، منذ بدء عملية “السهم الواقي” فجر الثلاثاء الماضي، رسائل عبر وسطاء إلى “حماس” بأن هذه العملية لا تستهدفها وإنها تقتصر فقط على ضرب الجهاد الإسلامي.
الرسائل أُرفقت بتهديدات مفادها أن مشاركة “حماس” ستضع قادتها أيضا على قائمة الاغتيالات الإسرائيلية.
مصلحة إسرائيل
وقال الرئيس السابق لهيئة الاستخبارات الإسرائيلية، تامير هايمان، في تغريدات على تويتر، طالعتها : “بعيدًا عن نقاط الضعف التي يعاني منها الجهاد على المستوى التكتيكي، فإن الخبر السيئ حقًا بالنسبة له هو عدم قدرته، للمرة الثالثة على التوالي، على جر حماس إلى المعركة وفشله الاستراتيجي حتى الآن في توحيد الساحات وتوسيع دائرة النار على إسرائيل”.
وأضاف: “المصلحة الإسرائيلية الواضحة هي إبقاء حماس خارج الحملة لأن انضمامها هو الإنجاز الاستراتيجي الذي يتوق إليه الجهاد الإسلامي”.
وتابع هايمان: “في الوقت نفسه، لا ينبغي للمرء أن يخلق هستيريا لا داعي لها بشأن هذه القضية، فإذا انضمت حماس، فسوف يتم ضربها بشدة، وحماس منظمة معادية لا تتوقف أبدًا للحظة عن التكثيف والاستعداد للحملة القادمة. وسيأتي وقتها بشروط إسرائيل، بالمبادرة، على حين غرة. تمامًا مثل الحملة الحالية. هذه هي الرسالة الصحيحة”.
واستدرك: “لقد حققت العملية أهدافها في الدقائق الأولى. يجب ألا يؤدي النجاح التكتيكي إلى زيادة الشهية لتوسيع العملية. يجب أن نسعى جاهدين للنهاية. إذا ظلت الجهاد معزولة، فستهدف إلى كسرها”.
واعتبر هايمان أن “الضرر الجسيم الذي لحق بالجهاد الإسلامي هو الانتصار”.
وأردف في هذا السياق “إسرائيل تسجل إنجازات تكتيكية مهمة في هذه العملية، لكن لا ينبغي لأحد أن ينجرف في نفوذها على المستوى الاستراتيجي. مشكلة غزة ستبقى معنا حتى بعد هذه العملية”.
واستطرد “تستمر حماس في السيطرة على القطاع وتقويته، والسلطة الفلسطينية تضعف من ناحية أخرى، وهناك جيل من الشباب الفلسطيني المحبط، وبعضهم ينفّس عن هذا الإحباط بقوة الأسلحة.هذه الحقيقة مهمة أيضا لإيصالها للجمهور الإسرائيلي”.
حماس غير معنية بأن يجرها “الجهاد الإسلامي” إلى معركة
لكن يوآف ليمور، المحلل في صحيفة “إسرائيل هيوم” يرى أن “حماس” تعد لمعركة أخرى وهو ذكرى احتلال القدس الشرقية وفق التقويم العبري يوم الخميس المقبل.
ففي هذا اليوم ستنطلق مسيرة الأعلام الإسرائيلية في القدس الشرقية كما يتوقع أن يشهد المسجد الأقصى اقتحامات إسرائيلية واسعة ما قد يؤدي إلى تفجر الأوضاع في المدينة.
وقال: “على الرغم من التصريحات العدوانية، فإن “حماس” غير معنية الآن بمعركة، أو للدقة: هي غير معنية بأن يجرها “الجهاد الإسلامي” إلى معركة”.
موضحا “ستقوم حماس بذلك لأسبابها، وفي الوقت الملائم لها. وبالمناسبة، يمكن أن يحدث هذا خلال الأيام القريبة، بالتزامن مع “يوم القدس”، إذا شعر التنظيم بأنه قادر على تجميع الغضب في الشارع الفلسطيني والعالم الإسلامي حول المسجد الأقصى”.
أما إذا استطاعت إسرائيل إحباط هذا الأمر بنجاح كما قامت بذلك العام الماضي فإن “حماس” ستفضّل الحفاظ على غزة هادئة، وستحفظ نفسها في حالة بناء القوة، وليس فحص الأضرار، هكذا يرى ليمور.
هل تستعد لمعركة مسيرة أعلام القدس؟
معلقة صحيفة “إسرائيل هيوم” للشؤون العسكرية ليلاخ شوفال، قالت في مقال طالعته : “رغم أن حماس أعلنت أنها شريكة في إطلاق الصواريخ، ادعوا في الجيش أن المشاركة هي إعلامية فقط، وعمليا من نفّذ إطلاق النار هو الجهاد الإسلامي وحده”.
وبرأي شوفال، فإن هدف الفصل بين الحركتين “كان البقاء في الحدود الأصلية للحملة المخططة وعدم الانجرار إلى مواجهة مع حماس، المنظمة الأقوى في القطاع، بشكل يمكن له أن يغير الصورة تماماً”.
وفي خلفية الأمور – تتابع- “يجدر بنا أن ننتبه إلى يومي الخميس والجمعة القادمين، يوم القدس ومسيرة الأعلام. في السنوات الأخيرة تبين أن هذا الموعد حساس على نحو خاص، ورغم أن حملة “السهم الواقي” توجد الآن في مراحل النهاية، لا توجد أي ضمانة ألا نرى في أثنائها ناراً إضافية من غزة”.
دخول حماس سيدفع إسرائيل لتجنيد الاحتياط
من جانبه، تحدث المحلل في صحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل، عن السؤال المركزي بالنسبة إلى إسرائيل، والذي “يتعلق بتدخُّل حماس في القتال، أثناء العملية الأخيرة على غزة التي وقعت في أغسطس/آب الماضي خلال فترة حكومة لابيد – بيينت، رحيث كزت إسرائيل على استهداف الجهاد، ولم تشارك “حماس في إطلاق النار”.
وقال في تحليل طالعته “هذه المرة بدأت الحملة بطريقة مشابهة. لكن يمكن ألا تسمح حماس لنفسها مرة أُخرى بالامتناع عن المشاركة. الأسبوع الماضي، سمحت للجهاد بإطلاق النار، حتى إنهما أصدرا بياناً مشتركاً صدر عن الغرفة المشتركة للفصائل الفلسطينية في غزة”.
واعتبر هرئيل أن “دخول حماس في القتال سيحسّن قوة النار الفلسطينية، ويمكن أن يدفع إسرائيل إلى القيام بخطوات إضافية، كتجنيد احتياط أوسع ووضع كتائب نظامية في حالة جهوزية، تحضيراً لحملة برية ممكنة في القطاع. وأيضاً يؤخذ في الاعتبار احتمال إطلاق الصواريخ إلى غوش دان”.
لكن على الرغم من ذلك، يبدو أنه على المستوى الاستراتيجي ستكون حماس معنية بجولة قصيرة، وفق المحلل السياسي.
ويفسر رأيه بأن “الواقع الحالي بين إسرائيل وغزة مريح بالنسبة إليها، منذ سمحت إسرائيل بدخول نحو 17 ألف عامل من قطاع غزة للعمل داخل أراضيها، ورواتب العمال، إلى جانب المساعدات الشهرية القطرية، والتي أدت كلها إلى تحسين الوضع الاقتصادي في القطاع إلى حد ما، وتساعد حماس على الاستمرار في الحكم”.
حماس لا تريد “جهاد إسلامي” قوي
أما رون بن يشاي، المحلل في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، فقال: “بحسب تقديرات أجهزة الأمن، من المتوقع أن تكون هناك عدة أيام قتال.
بيْد أن السؤال الكبير بالنسبة لبن يشاي، هو إذا ما كانت “حماس” ستنضم إلى تبادُل إطلاق النار، أو تمتنع، كما جرى في الحملات السابقة التي استهدفت تحديداً “الجهاد”.
وأضاف في تحليل طالعته أن “حماس شجعت الجهاد على إطلاق القذائف بعد المواجهات في المسجد الأقصى، وبالأساس بعد وفاة المعتقل المضرب عن الطعام في السجن، خضر عدنان، الأسبوع الماضي. حتى إن التنظيمين أصدرا بياناً مشتركاً، على الرغم من أن الأولى اكتفت بإطلاق نار رمزي لقذائف في الجو، الهدف منها كان إطلاق صافرات الإنذار”.
وأشار بن يشاي إلى أن “حماس تتصرف كتنظيم يتحمل مسؤولية السكان في القطاع، وذلك لأنه الحاكم ومَن له السيادة على الأرض، وهذا كان المبرر للامتناع عن الانضمام إلى المعركة في المرات السابقة”.
وبين أن حماس تعارض أيضاً، أيديولوجياً، الخط العسكري المندفع للجهاد والموجّه من إيران، بقيادة زياد النخالة، المتواجد في لبنان وسوريا.
وعلى الرغم من ذلك، فإن حماس لا تستطيع السيطرة كلياً على “الجهاد”، الذي لا يقل عنها حجماً، من حيث العتاد والمقاتلين، بحسب بن يشاي.
وخلص المحلل السياسي إلى أن الجيش الإسرائيلي “مستعد لمواجهة مستمرة، ستمتد على مدار عدة أيام على الأقل، ولذلك تمت المصادقة أيضاً على تجنيد الاحتياط، وبصورة خاصة منظومات الدفاع الجوي ومنظومات القيادة والسيطرة في سلاح الجو وشعبة الاستخبارات”.