ضربة لـ”كتائب الظل” الإخوانية ورموز النظام السابق المتهمين بإشعال فتيل الأزمة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أملا في عودتهم مجددا للمشهد في ثالث أكبر بلد أفريقي.

تلك الضربة وجهها مجلس الأمن الدولي، يوم الجمعة، بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في السودان (يونيتامس) حتى 3 ديسمبر/كانون الأول 2023، مؤكدا التزامه بسيادة السودان ووحدته واستقلاله وسلامة أراضيه.

ضربة للإخوان

قرار قال عنه الكاتب والمحلل السياسي محمد المختار، في حديث، إن “جماعة المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم السابق) وقادة النظام البائد (نظام الرئيس المعزول عمر البشير) أول من طالبوا بإبعاد المبعوث الأممي من خلال المظاهرات المتكررة والندوات الجماهيرية ومناداتهم بطرده من البلاد”.

وأوضح المحلل السياسي السوداني أن رموز النظام السابق لديهم نفوذ كبير بالجيش، مشيرا إلى أنهم لا يرغبون في وجود المبعوث الأممي فولكر بيرتس، مؤكدا أنهم سبق أن نظموا مظاهرات بواجهات متعددة للمطالبة بطرده من البلاد.

وكان البرهان نفى وجود الإخوان في الجيش، قائلا: “الجيش مؤسسة قديمة وراسخة لم يصنعها عمر حسن البشير، وسيظل بعدنا موجودا، أذهب أنا وغيري وتظل المؤسسة موجودة تؤدي رسالتها.. هذا كله كذب، الجيش ليس فيه كيزان، هذا جيش السودان ينظر للوطن وهمومه”.

وخلال عام 2022 شهدت العاصمة الخرطوم مظاهرات متكررة تطالب بطرد المبعوث الأممي فولكر بيرتس من البلاد، احتجاجا على ما سموه بـ”التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي السوداني”.

ورغم ذلك، إلا أن الغضب من فولكر لم يقتصر على رموز النظام السابق، بل إن قائد الجيش الفريق أول البرهان طلب في خطاب رسمي، أواخر مايو/أيار الماضي، بإبعاد رئيس البعثة الأممية في السودان فولكر بيرتس وترشيح بديل له، بعد أن اعتبره “مصدر انعكاسات سلبية على الانطباع تجاه الأمم المتحدة ووكالاتها ومنظماتها في السودان، وخصما على تجربتها ومساهمتها الإيجابية المقدرة التي لمسها المجتمع والمواطن السوداني سابقا”.

غضب البرهان

غضب البرهان من فولكر ليس الأول، بل إنه في أبريل/نيسان 2022 هدده بـ”الطرد خارج البلاد بسبب التدخل السافر بالشأن السوداني”، داعيا إياه خلال حفل تخرج عسكري بالعاصمة الخرطوم إلى “الكف عن التمادي في تجاوز تفويضه”.

وحول أسباب غضب البرهان، قال المحلل السياسي السوداني أمير بابكر إن “موقف البرهان من المبعوث الأممي فولكر ليس بالجديد، فهو قد سبق وألمح إلى التقدم بذات الطلب قبل قرارات 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 وبعده كذلك”.

وفي 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي عانى السودان أزمة حادة، إذ أعلن قائد الجيش عبدالفتاح البرهان حالة الطوارئ في البلاد، وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وجمد بنودا في الوثيقة الدستورية.

أحداث نتج عنها موقف دولي وأممي ضدها، بإيقاف كافة المساعدات والمنح المالية للسودان، من أجل عودة مسار الانتقال المدني، بحسب المحلل السوداني.

وأضاف أبا بكر “في الظرف الراهن، لعب ممثل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي دورا مهما في عدم اعتبار قوات الدعم السريع مليشيات متمردة حسب الخطاب الإعلامي للقوات المسلحة، معتبرا أنه على الطرفين الجلوس معا لوضع حد للقتال، وهو ما مثل ضربة سياسية بالنسبة للقوى التي تدعم استمرار الحرب”.

وتابع: “ربما يعتقد البرهان أن فولكر هو من تسبب في وضع طرفي النزاع في وضع متساو على طاولة مفاوضات جدة، في وقت كان يتطلع إلى دعم ومساندة إقليمية تصبغ على حربه ضد الدم السريع نوعا من الشرعية، وهو ما لم يصل إليه”.

ويشهد السودان، منذ 15 أبريل/نيسان الماضي، اشتباكات بين الجيش بقيادة البرهان وقوات “الدعم السريع” بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”، تشمل العاصمة الخرطوم ومدنا أخرى شمالي وغربي البلاد، إثر خلافات بينهما.

محطات على الطريق

وفي يونيو/حزيران 2020 أصدر مجلس الأمن الدولي قرارا بإنشاء بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لمساعدة الانتقال في السودان “يونيتامس”، استجابة لطلب حكومة الخرطوم آنذاك.

وأوكل إلى البعثة الأممية 4 مهام، هي مساعدة الانتقال السياسي نحو الحكم الديمقراطي، ودعم عمليات السلام وتطبيقها، وبناء السلام وحماية المدنيين في المناطق المتأثرة بالحرب، علاوة على إسناد مجهودات حشد الدعم الدولي التنموي والإنساني للسودان.

وفي 19 مايو/أيار 2022، أعلنت الحكومة السودانية عدم استطاعتها طرد البعثة من البلاد لارتباطها بتفويض مجلس الأمن، بحسب وزير الخارجية المكلف علي الصادق، الذي قال -آنذاك-: “لسنا راضين على أداء البعثة، لكن نريد إصلاح أدائها ومسارها وتطوير عملها، ونركز على ما نريده منها”.

وأوضح أن “السودان يريد من البعثة المساعدة في عملية الانتقال السياسي، وتعزيز حقوق الإنسان وبناء السلام وحماية المدنيين في مناطق النزاعات، وجلب المساعدات الاقتصادية والتنموية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *