تقترب تركيا وإسرائيل من عودة علاقاتهما العسكرية والاقتصادية إلى وضعها الطبيعي، وذلك عقب إنهاء التوتر والتقارب الذي شهده البلدين خلال الأشهر الماضية، والذي سيتوجه بتبادل السفراء بين أنقرة وتل أبيب قريباً.

Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!

البلدان بحاجة ماسة للتنسيق في العديد من القضايا خلال الفترة المقبلة

وتسعى تركيا بشكل حثيث لإنهاء خلافاتها مع إسرائيل وفق سياسة تصفير المشاكل التي اتبعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخراً، وأدت إلى إنهاء الخلافات بين أنقرة وعدد من دول المنطقة والتي كانت بالأساس على خلفية السياسة التركية الخارجية.

آخر مساعي التقارب التركي الإسرائيلي كانت اليوم السبت، وذلك بوصول مدمرة تابعة للبحرية التركية إلى ميناء حيفا الإسرائيلي، وهو الأمر الذي يحدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن، وتأتي في إطار تدريبات لحلف شمال الأطلسي “ناتو”.

وجاء رسو المدمرة الحربية التركية، على خلفية الدفء في العلاقات بين تركيا وإسرائيل، فيما لا يتوقع أن تشارك المدمرة في تدريب مشترك من القوات الإسرائيلية، وفق ما أوردت صحيفة “يديعوت احرونوت” العبرية.

وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إن “قوة خاصة تابعة لحلف شمال الأطلسي تضمنت هذا الأسبوع سفينة أمريكية وسفينة تركية راسية في ميناء حيفا”.

كما نقلت الصحيفة العبرية، عن مسؤول عسكري كبير قوله، إن وصول المدمرة التركية جزء من تعاون إسرائيل ودعمها لحلف شمال الأطلسي، ولم يتم التخطيط لأي أنشطة بين الجيش الإسرائيلي والسفينة التركية أو طاقمها أو قادتها، بما في ذلك الاستقبالات أو التدريبات أو الاجتماعات”.

وقررت إسرائيل وتركيا الشهر الماضي إعادة السفراء، فيما جرت بعدها محادثة هاتفية بين رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد والرئيس التركي، وهي المكالمة الأولى للزعيمين منذ إعلان تطبيع العلاقات بين البلدين.

وفي الجانب الاقتصادي، قررت وزيرة الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية، أورنا باربيفاي، الشهر الماضي تعيين ملحق اقتصادي لإسرائيل في تركيا، وذلك للمرة الأولى منذ 13 عاماً، وفق ما أوردت صحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية.

وفي حينه، قالت الصحيفة، إن الوزيرة الإسرائيلية، وعلى إثر قرار استئناف عمل اللجنة الاقتصادية التركية المشتركة، قررت تعيين ماتان صفران بمنصب الملحق الاقتصادي لإسرائيل في تركيا”، واصفةً تركيا بأنها “رابع أهم شريك تجاري اقتصادي لإسرائيل، وخامس أهم وجهة تصدير في العام الماضي”.

وقالت الوزيرة أورنا باربيفاي: “تركيا دولة مهمة لإسرائيل سياسياً واقتصادياً، وتجديد النشاط بين البلدين من شأنه المساهمة بشكل كبير في النمو الاقتصادي لهما”.

وبحسب بيانات إدارة التجارة الخارجية في إسرائيل، فإن المعاملات الاقتصادية بين تل أبيب وأنقرة خلال العام الماضي بلغت 7.7 مليار دولار، فيما بلغ حجم صادرات السلع الإسرائيلية إلى تركيا حوالي 1.9 مليار دولار.

وفي السياق، يرى أستاذ العلوم السياسية، أنطوان شلحت، أن تركيا وإسرائيل تسعيان بشكل حثيث لإنهاء الخلافات السابقة بينهما ودفع التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري إلى الأمام، مشيراً إلى أنهما بحاجة ماسة للتنسيق في العديد من القضايا خلال الفترة المقبلة.

وأوضح شلحت، لـ24، أن “لكل من أنقرة وتل أبيب أهداف من هذا التقارب بالمجالات الثلاثة، خاصة في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية التي تتطلب تعاون الطرفين اقتصادياً وعسكرياً”، مبيناً أنه بات من الواضح أن تركيا غيرت سياساتها الخارجية بشكل جذري.

وأضاف “تركيا تحتاج إلى إسرائيل من أجل تحسين علاقتها مع الولايات المتحدة وضمان إتمام الصفقة العسكرية المتعلقة بطائرات F-35، إلى جانب التخفيف من الضغوط الأمريكية على أنقرة في عدد من الملفات”.

وأشار المحلل السياسي، إلى أن هناك حاجة ماسة لتركيا للتنسيق مع إسرائيل أيضاً في الجانب العسكري خاصة فيما يتعلق بحلف شمال الأطلسي، علاوة على أن أنقرة تسعى لترويج نفسها كقوة إقليمية ووسيط لتصدير الغاز الطبيعي بين تل أبيب والدول الأوروبية.

وشدد على أن الحرب الروسية في أوكرانيا أدت إلى تعجيل البلدين في تحسين العلاقات بينهما وتعزيز التعاون التجاري، خاصة وأن إسرائيل لا ترغب في أن تكون من الدول المتضررة من هذه الحرب اقتصادياً.

وتابع: “البلدان بينهما مصالح سياسية واقتصادية استراتيجية، ولا يمكن لأي منهما الاستغناء عن الآخر، الأمر الذي دفع أردوغان لتسريع عملية المصالحة مع إسرائيل”، مؤكداً أن التعاون خلال الفترة المقبلة سيكون في جميع المجالات وبشكل أكبر من أي وقت مضى.