مع وصول السياسيين إلى طريق مسدود بسبب تشكيل حكومة جديدة منذ الانتخابات في أكتوبر (تشرين الأول)، واصلت الفصائل الشيعية المتناحرة في بغداد الجمعة احتجاجاتها المستمرة منذ أسابيع، والتي تمنع انعقاد البرلمان.
تثير هذه المواجهة المخاوف من تجدد الاضطرابات في دولة تتمتع فيها الجماعات المسلحة بنفوذ كبير، وتتسبب بالفعل في متاعب للعراقيين الأكثر ضعفاً.
وقالت صابرين، وهي توضح تأثير وفاة الزوج عليها، إنها وجدت نفسها فجأة تتحمل مسؤولية 7 أطفال واصفة ذلك بشيء يقصم الظهر.
وقالت صابرين التي كانت تجلس على الأرض في بيتها المبني بالطوب من غرفة واحدة في قرية “السعادة” في ضواحي بغداد، إنه لا يمكنها دفع نفقات علاجها من مرض مزمن تعاني منه.
وأضافت أن أطفالها يتناولون بعض الوجبات ولا يتناولون الأخرى بسبب ارتفاع الأسعار.
مرت 9 أشهر منذ تقديم طلب الحصول على معاش شهري من الحكومة، لكن صابرين لم تحصل على شيء من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
وقالت، إنها قي كل مرة تذهب فيها للاستفسار يأتيها الرد أنهم في انتظار إقرار ميزانية.
وقال مسؤول في الوزارة، إن صابرين تستحق الدعم، لكنه أكد غياب ميزانية لصرف المعاش لها. ومضى قائلاً بعد أن طلب حجب اسمه: “أيدينا مغلولة في غياب الميزانية”.
وأضاف، أن أسرة صابرين خليل واحدة من 370 ألف أسرة تستحق معاشاً حكومياً، لكن أياً منها لا تحصل عليه بسبب الجمود السياسي.
محاولة للحوار
والأزمة قائمة في العراق منذ الانتخابات قبل 10 أشهر، وهي أطول فترة تعيشها البلاد دون حكومة تؤدي كامل المهام منذ ما يقرب من عقدين بعد الإطاحة بصدام حسين في 2003.
وتريد الفصائل الشيعية المتناحرة تشكيل الحكومة، لكنها تختلف على خطوات تحقيق ذلك.
فأتباع رجل الدين الشيعي القوي مقتدى الصدر، الذين قاتلوا قوات الاحتلال الأمريكية قبل أن يصبحوا المعارضة الرئيسية للفصائل المسلحة المدعومة من إيران وأحزابها السياسية، يطالبون بانتخابات جديدة.
وكان الصدر أكبر الفائزين في انتخابات العام الماضي، لكنه لا يستطيع تشكيل حكومة مع الأحزاب الكردية، والأحزاب العربية السنية تستبعد منافسيه الشيعة المدعومين من إيران.
ويقول هؤلاء المنافسون، الذين يُعرفون باسم الإطار التنسيقي، إن الانتخابات لن تجرى إلا بعد تشكيل حكومة تقود فترة انتقالية وتصدر خلال فترة عملها تشريعات من بينها قانون جديد للانتخابات.
وقال مصدر في حكومة تسيير الأعمال: “هناك توافق على حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، المشكلة في الآلية”. وأضاف أن المحادثات مستمرة.
ويوم الأربعاء اجتمع رئيس حكومة تسيير الأعمال مصطفى الكاظمي مع القادة السياسيين ودعا أتباع الصدر إلى المشاركة في حوار وطني. ودعا جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي تصعيد سياسي.
ولم يحضر الصدر الاجتماع، ولم يظهر أتباعه حماساً يذكر للمبادرة.
وقال رجل دين متحدثاً إلى آلاف من أتباع مقتدى الصدر الذين تجمعوا للاحتجاج خارج البرلمان الجمعة، ومشيراً إلى المنافسين: “الحوارات السياسية التي تعقدونها لأجل مصالحكم السياسية والحزبية ليست لمصلحة البلد والشعب. كل الهم هو بقاؤكم وسلطانكم وليس هماً آخر فإن هذه الحوارات لا قيمة لها عندنا ولا نقيم لها وزناً أبداً”.
وحمل البعض صور الصدر ووالده الراحل الذي كان رجل دين بارز أيضاً كما رفعوا أعلام العراق.
ومن جانبهم نظم العشرات من أتباع الإطار التنسيقي احتجاجاً خارج المنطقة الخضراء التي تشهد إجراءات تأمين مشددة.
وقال الباحث المشارك في معهد واشنطن والخبير في شؤون الجماعات الشيعية المسلحة حمدي مالك، إنه ليست هناك على ما يبدو مؤشرات تذكر على نتائج سريعة، برغم بعض الجهود المبذولة لحل الخلافات.
وأضاف “الانقسام كبير لدرجة أنني لا أرى أي حل. إمكانية اندلاع الاشتباكات تزيد بالفعل”.
وأصدر البرلمان قانوناً عاجلاً في يونيو (حزيران) خصص مليارات الدولارات لشراء القمح، والأرز، والغاز، ودفع الأجور، فقط دون بقية أعمال الحكومة.
وقالت هناء إدوار، وهي ناشطة حقوقية عراقية بارز، إن جميع الفصائل السياسية مسؤولة عن هذا المأزق، وإن العراقيين العاديين يدفعون الثمن.
وأضافت، أن الغضب يزيد، والظروف الاقتصادية تسوء، والبطالة في تزايد. ومضت قائلة إن القادة يعقدون الحوارات لتوزيع الغنائم على السياسين.
وفي نفس الوقت، لا تزال صابرين خليل تنتظر في قرية “السعادة” أن تهب الحكومة لنجدتها. وقالت إن العملية السياسية متوقفة.
أضافت “يقولون إن من الخطأ ألا ندلى بأصواتنا.. لكن الانتخابات لم تغير شيئاً”.