تشهد العاصمة السودانية الخرطوم، اشتباكات عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع، بأسلحة ثقيلة وخفيفة، في أعقاب تعثر الحل السلمي في جدة.
وأفاد شهود عيان ، بأن أحياء جنوبي العاصمة الخرطوم، شهدت اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في محيط سلاح المدرعات، بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين.
وحسب الشهود، فإن الطيران الحربي قصف أحياء “الصحافة” و”جبرة” “والشجرة” جنوبي العاصمة الخرطوم، ما أدى إلى تدمير منازل، وسقوط قتلى وجرحى.
وطبقا للشهود، فإن مدينة بحري شمالي العاصمة الخرطوم، شهدت أيضا اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة في محيط مقر “الاحتياطي المركزي”، ما أدى لتصاعد ألسنة اللهب وأعمدة الدخان.
وأبلغ شهود عيان، أن مدينة أم درمان، غربي العاصمة الخرطوم، شهدت أيضا قصفا مدفعيا، وتبادلا لإطلاق لنيران بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ما أدى إلى تعقيد الأوضاع الإنسانية على الأرض.
وطبقا للشهود، فإن الطيران العسكري حلق بكثافة في سماء المدينة، مع سماع أصوات مضادات الطيران التابعة لقوات الدعم السريع.
الحل السلمي
ومع اشتعال المعارك، اشترطت وزارة الخارجية السودانية، اليوم السبت، “تذليل العقبات” لعودة وفد الجيش التفاوضي إلى مدينة جدة السعودية، لاستئناف المفاوضات غير المباشرة مع قوات “الدعم السريع”.
وقالت الخارجية في بيان، إنها “تؤكد جاهزية الوفد التفاوضي للعودة إلى منبر جدة متى ما تمكن الوسيطان السعودي والأمريكي من تذليل العقبات والمعوقات التي حالت دون مواصلة المباحثات”.
وأكدت على “الرغبة في التوصل لاتفاق عادل يوقف العدائيات ويمهد الطريق لمناقشة قضايا ما بعد الحرب”.
وأضافت الوزارة: “تعنت قوات التمرد (الدعم السريع) وعدم انصياعها لتنفيذ التزاماتها الموقعة عليها هو السبب وراء تعثر مباحثات جدة، مما حدا بوفد القوات المسلحة السودانية بالعودة إلى أرض الوطن”.
وأردفت: “المليشيات المتمردة كعادتها لم تحترم الالتزامات التي وقعت عليها في جدة، حيث واصلت انتهاكاتها الممنهجة”.
وبحسب الوزارة، فإن تلك الانتهاكات “تتمثل في احتلال منازل المواطنين والمرافق العامة وتعطيل الخدمات الأساسية والاستمرار في عمليات السلب والنهب والاعتداء على المصارف والمصانع والأسواق ودور العبادة والمقار الدبلوماسية وتخريب الطرق والمطارات ونشر الذعر والفوضى في البلاد”.
والجمعة ظهر قائد الدعم السريع في السودان محمد حمدان دقلو “حميدتي”، للعلن وقال في مقطع فيديو غير محدد التاريخ والمكان: “رسائلنا لإخواننا في القوات المسلحة إذا تريدون الحل العاجل يجب تغيير هيئة قيادة الجيش حينها يمكن أن نصل لاتفاق خلال 72 ساعة”.
وأضاف، “رسالتنا واضحة نحن دعاة سلام لسنا دعاة فتنة وحرب ودمار للسودان، يجب أن نتجه للسلام لكن جماعة البرهان الموجودين في البدروم يجب أن يسلموا أنفسهم بدلاً عن الكذب والأحاديث بلا قيمة”.
والخميس، أعلن الجيش السوداني عودة وفده التفاوضي إلى البلاد للتشاور، فيما قالت قوات “الدعم السريع” إن وفدها باق في مدينة جدة السعودية.
كما أعلن السفير الأمريكي بالخرطوم جون غودفري، الجمعة، وصوله إلى السعودية للتشاور بشأن جهود حل أزمة السودان.
وقال غودفري في بيان نشرته السفارة الأمريكية بالخرطوم: “يسعدني أن أعود إلى السعودية للتشاور مع الشركاء بشأن الجهود المتعلقة بالسودان”، دون مزيد من التفاصيل.
بالنسبة إلى الكاتب والمحلل السياسي، أمير بابكر، فإن الجيش السوداني والدعم السريع، يسعيان في إطار المفاوضات في جدة، لتحقيق مكاسب على الأرض قبل الوصول إلى اتفاق حول وقف دائم لإطلاق النار ، ومن ثم الدخول في مراحل متقدمة لحل الأزمة السياسية.
وأشار بابكر في حديثه لـ”العين الإخبارية”، إلى أن “شروط وفد الجيش السوداني، بالانسحاب من المنشآت العامة والأعيان السكنية، تأتي في إطار الاستنكار الشعبي لاستيلاء الدعم السريع على المستشفيات والمنازل واتخاذها مقار عسكرية.”
وأردف قائلا: “محاولات الجيش لتغيير الواقع على الأرض دون استخدام ما أسماه بالقوة المميتة، وكذلك يأتي من أجل خلق تحسين الواقع التفاوضي للجيش، خاصة أن قوات الدعم السريع في سجلها كثير من التجاوزات التي طالت المدنيين.”
جهود إيقاف الحرب
من جانبه، دعا حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، إلى “تكثيف الجهود لإيقاف الحرب في السودان وتحقيق الاستقرار”.
وقال مناوي في تدوينة على فيسبوك خلال استقباله عضو مجلس السيادة الطاهر حجر، رئيس “تجمع قوى تحرير السودان” في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور: “استقبلنا الطاهر حجر عضو مجلس السيادة الانتقالي ورئيس تجمع قوى تحرير السودان الذي وصل إلى مدينة الفاشر اليوم”.
مضيفا: “نسعى إلى عقد المزيد من اللقاءات والحوارات لإكمال مباحثات الخروج من الأزمة الواقعة من أجل أمن ووحدة البلاد تحت هذه الظروف الحساسة”.
وترعى السعودية والولايات المتحدة منذ 6 مايو/ أيار الماضي، مفاوضات غير مباشرة بين الجيش وقوات “الدعم السريع” أسفرت في 11 من الشهر ذاته عن أول اتفاق في جدة بين الجانبين للالتزام بحماية المدنيين.
كما تم إعلان أكثر من هدنة وقع خلالها خروقات وتبادل للاتهامات بين المتصارعين، ما دفع الرياض وواشنطن إلى تعليق المفاوضات.
ويتبادل الجيش و”الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال وارتكاب انتهاكات خلال الهدنات المتتالية.
وبيّن حميدتي ورئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، خلافات أبرزها بشأن المدى الزمني لتنفيذ مقترح لدمج “الدعم السريع” في الجيش، وهو بند رئيسي في اتفاق مأمول لإعادة السلطة في المرحلة الانتقالية إلى المدنيين.
ومنذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي، يخوض الجيش و”الدعم السريع” اشتباكات لم تفلح سلسلة هدنات في إيقافها، ما خلّف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون، ونحو 3 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.