مشاري الذايديمشاري الذايدي

بقلم:مشاري الذايدي

لمن يشكك في أن جماعة «الإخوان» ومطاياها تستثمر في كل نشاط جماهيري لاختراق الناس، فها هو مثال جديد – قديم لدينا.
دعت الجماعة، عبر بيان، لما وصفته بحراك 11 – 11 في مصر موقّع من أحد عناصرها، ويدعى طاهر الشرقاوي، روابط الألتراس (مشجعي الفرق الرياضية) للتحرك والمشاركة، واصفة إياهم بالكيانات المنظمة و«الفاعلة»، ومحرضة إياهم على «الانتقام من السلطات».
كرة القدم هي اللعبة الجماهيرية الأولى في العالم، خاصة العالم العربي، وتشهد في مصر تفاعلاً شعبياً عالياً، لدى كل الطبقات، وكلنا يتابع السجالات بين جماهير الأهلي والزمالك، وهما أعمدة الكرة المصرية، فهل يفوّت ذئاب «الإخوان» هذه الوليمة الجماهيرية؟
من غير تفاصيل قد تثير متعصبي التجمهر لهذا الفريق أو ذاك، فالمنطق يقول إنه من المستحيل ألا يحاول، على الأقل يحاول، من يدير حراك «الإخوان» استغلال هذا الحصان الجماهيري الجامح لصالح عربات «الإخوان» السياسية.
لاحظ أن ما يوصف بالألتراس أو روابط مشجعي الكرة، جلّهم من الصبية الصغار ومن هم في شرخ الشباب، عمر كله طاقة وانفعال وقلّة إدراك للصورة الكبرى.
لو رجعنا للماضي فسنجد أن استغلال جماعة «الإخوان» لكرة القدم واستثمارهم في جماهيريتها أمر قديم وداخل في صلب التفكير التعبوي الجماهيري.
في تقرير جميل نشره مركز (سيمو) بباريس، في موقعه (المرجع) نجد عنواناً مثيراً هو «كرة القدم في أدبيات (الإخوان)… لعبة تحولت لمشروع سياسي»، ومما جاء في هذه الجولة التاريخية الوافية أن مؤسس الجماعة حسن البنّا اعتمد عام 1938 أول لائحة رياضية لـ«الإخوان»، و«عند حدوث أي خلاف يكون مكتب الإرشاد هو المرجع الأخير».
كما أن البنّا ابتكر وقتذاك، فكرة «كأس المرشد العام»؛ لتشجيع الشباب وطلاب المدارس على الانضمام إلى الجماعة، ويقوم هو شخصياً بتسليم الكأس.
حول كأس المرشد يذكر الإخواني المهاجر لأميركا حسّان حتحوت في كتابه بعنوان «العقد الفريد»، حكاية جرت بدرس من دروس الثلاثاء؛ إذ استهل البنّا الدرس بأخبار شُعب «الإخوان»، معلناً فوز فريق الكرة لإحدى الشُّعب في المباراة النهائية وحصوله على كأس المرشد العام، فقاطعه طالب سوري أزهري: «يا أستاذ، الكأس آلة الخمر، أهذه كلمة تقال في محيط الإخوان؟» فابتسم البنا وقال في دعابة: «أتغضب يا شيخ؟ إذن حصل على القدح».
عدد مجلة «الإخوان» الصادر في ديسمبر (كانون الأول) 1946، احتفى بفوز فريق «إخوان المعادي»، على فريق «نادي المعادي» بنتيجة 3 – 1، بحضور المرشد العام.
بحسب «ويكي إخوان» كان المرشد البنّا دائماً يقول لمريديه: «كرة القدم هي أحد الأسلحة المهمة لجماعة الإخوان». ويذكر عبد المنعم أبو الفتوح، القيادي الإخواني الشهير، في مذكراته أن المرشد عمر التلمساني قبل اعتذاره هو ومن معه بسبب تخلفهم عن حضور اجتماع حزبي للجماعة بسبب حضورهم مباراة الأهلي والزمالك.
بل إن مذيعاً في أكتوبر (تشرين الأول) 2012؛ في إحدى الفضائيات المصرية الرياضية خصّص شطراً من برنامجه للاحتفال بذكرى ميلاد حسن البنّا، والحديث عن «الإخوان» وعلاقتهم بكرة القدم! وعليه، فدعوة الجماعة اليوم لروابط مشجعي الأندية المصرية، الأهلي والزمالك خاصة، للانخراط في أعمال الشغب الإخوانية المزمعة، سلوك قديم تأسيسي منذ أيام المؤسس البنّا. ويظل الحديث عن صون مراهقي وصبية كرة القدم من متحرشي السياسة المتطرفة، مسألة تحتاج حديثاً خاصاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *