أكثر من 5 عقود مرت محملة بعبء أثقل كاهل جندي إسرائيلي سابق، قبل أن يقرر إصلاح خطئه وإعادة أحد مفاتيح المسجد الأقصى لأصحابه.

القصة تبدو شبيهة برواية ممتدة في جذور الزمن لدرجة أن الاعتراف بأطوارها يبدو غريبا في ظل الامتداد الزمني الذي تطلبه التكتم على تفاصيل مفصلية.

فعلى مدى عدة سنوات، فكر الجندي الإسرائيلي السابق يائير باراك مرارا بأن يعيد مفتاح المسجد الأقصى لأصحابه.

وكان باراك أحد الجنود الذين عملوا بالجيش الإسرائيلي عام 1967, وحينها وقعت معه حادثة أرقته 56 عاما قبل أن يقرر إصلاح الخطأ.

“بالصوت والصورة”

اختار باراك، الذي كان جنديا في الفرقة 71 قطاع (ج) بالجيش الإسرائيلي آنذاك، أن يوثق حادثة “السرقة” التي قام بها وكيف أعاد الحق لأصحابه بالصوت والصورة.

“كنا هنا لمهاجمة القناصة وقد قتل منا عدد من الجنود”، يقول باراك باللغة العبرية وهو يدلي بشهادته غير المسبوقة لجندي إسرائيلي.

وأضاف: “وصلت إلى باب المغاربة، لا يهم كيف حصل ذلك وعندما نظرت إلى الجهة اليسرى رأيت مفتاحا”، في إشارة إلى أحد أبواب المسجد الأقصى.

وتابع: “لا أعرف لماذا وضعت يدي على المفتاح وأخذته”، قبل أن يحاول لاحقا تجربة المفتاح على مزلاج باب المغاربة وقد أفلح في فتحه.

واستطرد يقول: “بعد عشر دقائق تقريبا، وصل حاخام الجيش الرئيسي غورون مع مجموعة من القلائد الدينية، وبعد ذلك وضعت المفتاح في جيبي وبقي منذ ذلك الحين بحوزتي”.

والمفتاح حديدي كبير عليه سلسلة من الحديد كباقي المفاتيح التي ما زالت لدى دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس التي تدير شؤون المسجد الأقصى.

عدم ارتياح

وطوال تلك السنوات، كان باراك يشعر بنوع من عدم الارتياح لما قام به والذي سماه صراحة “سرقة”.

وقال: “بعد مرور 40 أو 50 عاما تقريبا، بدأت اشعر بعدم الارتياح لأن مفتاح باب المغاربة ما زال معي، وهذا ليس من حقي، لأنني باختصار قمت بسرقته”.

وفجر مفاجأته: “قررت أن أعيده إلى أصحابه”.

وبناء على ذلك، أجرى اتصالات مع دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس وأبلغ المسؤولين فيها بقراره إعادة المفتاح.

ووصل إلى مقر دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس القديمة وأعاد المفتاح إلى مدير عام دائرة الأوقاف الشيخ عزام الخطيب الذي أشاد بالخطوة.

وقال باراك: “الآن أنا هنا وقمت بإعادة الفتاح الذي سرقته، وقد عاد إلى أصحاب الحق، وهذا ما يجب أن تقوم إسرائيل بفعله بأن تعيد للفلسطينيين الحقوق والاحترام والاستقلال والحرية والأمن”.

واعتبر أنه بإعادة المفتاح فـ”إني قمت بالعمل لصحيح”، مشيرا إلى أنه “بعد أن فكرت بذلك لسنوات عديدة فإني فعلت ذلك”.

وقال: “آمل أن تترك نتائج ما فعلته أثرا إيجابيا عند الناس وأن يفكروا مرتين أو حتى ثلاثة مرات في هذا الواقع الذي نعيش فيه”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *