في ضربة نوعية تُضاف إلى سجل الهجمات الإسرائيلية ضد قادة الصف الأول في إيران، أعلنت تل أبيب اغتيال محمد سعيد إيزدي، أحد أبرز قادة فيلق القدس والمسؤول عن ملف الفصائل الفلسطينية، بعد استهداف شقته في مدينة قم جنوب غرب طهران، في عملية أثارت صدمة في الأوساط الإيرانية رغم التكتم الرسمي.

وبينما امتنعت إيران عن إعلان مقتل إيزدي، أكدت وسائل إعلام محلية وقوع “عمليتي اغتيال” في قم، تزامنًا مع هجمات إسرائيلية واسعة طالت مواقع متعددة، وأسفرت عن مقتل 15 من عناصر الدفاع الجوي الإيراني.

قائد الظل: من بيروت إلى غزة

سعيد إيزدي لم يكن اسماً عادياً في هيكل الحرس الثوري. فقد ترأس “فرع فلسطين” في فيلق القدس، وهو الجهاز المسؤول عن التنسيق السياسي والتمويل والعسكري للفصائل الفلسطينية، لا سيما حركتي حماس والجهاد الإسلامي. تولى قيادة “الوحدة الفلسطينية” التي كانت تتخذ من بيروت مقرًا لها، وكانت تعمل تحت إشراف حزب الله قبل نقل مركز عملياتها لاحقًا إلى داخل إيران.

وفقاً لتقارير إسرائيلية، لعب إيزدي دورًا مركزيًا في تمويل وتوجيه العمليات التي نفذتها حماس، ويُعد من العقول المدبرة لهجوم السابع من أكتوبر 2023. كما تشير وثائق استخباراتية إسرائيلية إلى صلات وثيقة ربطته بيحيى السنوار، القائد البارز في حماس، والذي اغتيل هو الآخر العام الماضي.

مطلوب دولياً

في ديسمبر 2023، فرضت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عقوبات مباشرة على إيزدي، واعتبرته لندن وواشنطن أحد أبرز مهندسي العمليات الخارجية للحرس الثوري. وظهر اسمه على لائحة تضم سبعة قادة كبار، متهمين بتخطيط عمليات عابرة للحدود وزعزعة الاستقرار في المنطقة.

صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية وصفت إيزدي بأنه “واحد من أكثر الأهداف التي تابعتها الاستخبارات الإسرائيلية على مدار سنوات”، نظرًا لمكانته العالية في منظومة الربط بين إيران وقطاع غزة.

حملة تصفية غير مسبوقة

جاء اغتيال إيزدي ضمن سلسلة اغتيالات غير مسبوقة نفذتها إسرائيل منذ 13 يونيو/حزيران، وراح ضحيتها ما لا يقل عن 30 قائداً عسكرياً إيرانياً، بينهم:

•اللواء محمد باقري (رئيس الأركان)

•حسين سلامي (قائد الحرس الثوري)

•غلام علي رشيد (قائد مقر “خاتم الأنبياء”)

•أمير علي حاجي زاده (قائد القوات الجوفضائية)

•طاهر بور، داود شيخيان، ومهدي رباني، الذين قُتلوا خلال الضربات الأخيرة

دلالات استراتيجية

رسائل إسرائيل من هذا الاغتيال تتجاوز قتل قيادي عسكري، إذ يُعتبر إيزدي أحد أبرز صانعي النفوذ الإيراني في الأراضي الفلسطينية. واغتياله في الداخل الإيراني، بمدينة قم الدينية، يُظهر عمق الاختراق الأمني ويشكل تحديًا مباشرًا لهيبة النظام.

وفي وقت تواصل فيه طهران التزام الصمت، يبدو أن صدى الاغتيال سيتجاوز الحدود، ليعيد رسم خطوط المواجهة في المنطقة، ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التصعيد المتبادل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *