يعاني قطاع غزة من الوضع الاقتصادي الصعب جراء الحرب التي يشهدها القطاع منذ عدة أكثر من شهرين أثرت الحرب سلباً على حياة المدنيين والبنية التحتية والاقتصاد في القطاع.
وتزامناً مع ذلك، طالب المواطنون في قطاع غزة بضرورة إنهاء الحرب التي تؤثر في حياتهم اليومية وتفاقم الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة.
وتعاني غالبية المؤسسات التجارية والصناعية في القطاع من الانخفاض الحاد في الإنتاجية، وحرمان الموظفين من فرص العمل، مما يزيد من معدلات البطالة والفقر في المنطقة.
ويأمل المواطنون في قطاع غزة بانتهاء الحرب والوصول إلى اتفاق دائم يضمن استقرار الحياة اليومية وتحسين الأوضاع الاقتصادية في المنطقة.
وفي هذا السياق، يأمل السكان في قطاع غزة بدعم المجتمع الدولي لهذا القطاع، وتقديم المساعدة للمنكوبين والمستضعفين فيها، حتى يتمكن القطاع من النهوض من جديد.
يعيش نحو 2.3 مليون شخص في شريط غزة الضيق البالغة مساحته 141 ميلاً (365 كيلو متراً)، ووفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي، يُقدّر دخل الفرد في القطاع بأقل من نصف نظيره في الضفة الغربية، بينما يعيش أكثر من نصف سكانه تحت خط الفقر.
ويرى المحللون أن الأوضاع الاقتصادية المتردية بالقطاع كانت أحد المحركات الرئيسية للتصعيد الأخير من جانب حماس، خاصة أن هذا التصعيد سبقته سلسلة طويلة من الاحتجاجات من جانب سكان القطاع أكثرهم من الشباب.
وأشاروا إلى أنه على الرغم من أن بعض مطالب حماس سياسية، فإن تخفيف القيود الاقتصادية المفروضة على غزة يُعد شرطاً رئيسياً للحفاظ على استقرار الأوضاع بالقطاع.
وفي حديث مع وكالة رويترز في وقت سابق هذا الشهر، حذّر مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، رفض ذكر اسمه، من أن الاحتجاجات الأخيرة يعود سببها للمعاناة الاقتصادية في غزة أكثر من المشاعر الوطنية المرتبطة بالقضية الفلسطينية.
وقال المسؤول «الاحتجاجات سببها المال.. وما نراه على الحدود ما هو إلا رسالة.. إنهم يطلبون المساعدة المالية»، في إشارة إلى احتجاجات سكان غزة التي سبقت هجوم حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول.
تخلف قطاع غزة عن الضفة
وفي تقرير حديث له، لفت صندوق النقد الدولي إلى أن قطاع غزة تخلف بشكلٍ كبير عن الضفة الغربية على مدار الأعوام الخمسة عشر الماضية نتيجة العزلة المفروضة على القطاع والصراعات المتكررة منذ صعود حماس إلى السلطة في عام 2007، مشيراً إلى أن 77 في المئة من الأسر في غزة تعتمد على المعونات الغذائية والنقدية.
فحركة حماس نفسها تواجه سخطاً متزايداً من قِبل سكان القطاع بشأن سياساتها الاقتصادية التي قفزت بمعدل البطالة لمستويات قياسية قاربت الـ50 في المئة، في الوقت الذي تعزو فيه الحركة المعاناة الاقتصادية للقطاع إلى الحصار الإسرائيلي الطويل.
تبعات إنسانية «مدمرة»
في عام 2023، كشف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن 58 في المئة من سكان قطاع غزة يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، بينما تضاعف عدد الأسر التي تعيش في أوضاع متردية أو كارثية بنحو ثلاثة أمثال ليصل إلى 29 في المئة مقارنة بـ10 في المئة عام 2022.
وحذّر المكتب من أن 1.3 مليون شخص في القطاع يحتاجون إلى مساعدات غذائية عاجلة، في حين كشفت هيئة المياه الفلسطينية أن 90 في المئة من موارد المياه في غزة غير صالحة للشرب.
ومن المتوقع أن يؤدي التصعيد الأخير ومطالبة سكان شمال غزة بالاتجاه جنوباً إلى زيادة تردي الأوضاع الإنسانية في القطاع.
في بيان لها يوم الجمعة، وصفت منظمة الأمم المتحدة أمر الجيش الإسرائيلي بإخلاء أكثر من مليون شخص خلال تلك المهلة الوجيزة بـ«المستحيل»، إذ جاء في البيان «ترى الأمم المتحدة أنه من المستحيل تنفيذ تلك الخطوة دون وقوع تبعات إنسانية مدمرة»، محذّرة من أن ذلك ينذر بتحويل «الوضع المأساوي الحالي إلى وضع كارثي».
وفي السياق نفسه قال الأمين العام للمنظمة، أنطونيو غوتيريش «نحتاج إلى ممر إنساني فوري حتى نتمكن من توصيل الوقود والغذاء والمياه لكل من يحتاج إليها.. فحتى الحرب لها قواعد».
وفي حوار مع صحيفة «الباييه» الإسبانية، وصف مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، دعوة إسرائيل لإجلاء 1.1 مليون شخص خلال 24 ساعة بـ«غير المنطقية»، مشيراً إلى أن بعض الردود العسكرية الإسرائيلية تنتهك القانون الدولي، وقال بوريل «لا يمكنك قطع المياه وجميع المرافق عن شعب بأكمله».
في الوقت نفسه، حذّرت منظمة الصحة العالمية من أنه من المستحيل إجلاء الحالات الحرجة بالمستشفيات، واصفة تلك الخطوة بأنها بمثابة «حكم إعدام للمرضى والمصابين»
كما حذّرت المنظمة من أن المستشفيات في غزة على شفا الانهيار مع استمرار تدفق المرضى والمصابين على المستشفيات في جنوب المدينة، مشيرة إلى أن المستشفيين الرئيسيين في الشمال تجاوزا سعتيهما القصوى البالغة 760 سريراً، ومحذّرة من نفاد مخزون الوقود خلال أيام قليلة، ما يهدد بوقف الأجهزة الحيوية الضرورية لإنقاذ المرضى.
ودمر أكثر من 70% من بيوت القطاع بفعل الحرب المستمر لأكثر من 80 يوماً والتي راح ضحيتها أكثر من22 ألف من الفلسطيني وأصيب أكثر من 52 ألف مصاب من بينهم حالات خطيرة، بينما يدعوا المواطنون بالقطاع إلى تتدخل عاجل لإنهاء الحرب بسبب الحياة الصعبة التي يعيشها الاهالي بالقطاع بالتزامن مع أجواء البرودة الشديدة بفعل فصل الشتاء.