بالرغم من المشاركة المحدودة لـ “حزب الله” في حرب غزة التي اندلعت بعد عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها حركة “حماس” في السابع من أكتوبر الماضي، وتقييدهم لمنطقة القتال في جنوب لبنان وشمال إسرائيل، إلا أن ذلك لا ينفي كشف الحزب لأسلحة وتكتيكات جديدة يبدأ في استخدامها، على الرغم من أنها تشكل جزءًا صغيرًا فقط من الأسلحة والاستراتيجيات الأكبر التي سيقومون باللجوء إليها إذا توسعت نطاق الحرب، وهذا هو ما يجعلهم يعتبرونه “مفاجأة”.
أعلن حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، في ظهوره الأخير عن زيادة كبيرة في عدد العمليات ونوع الأسلحة المستخدمة. وأكد أنه تم لأول مرة استخدام الطائرات المسيّرة الانقضاضية والصواريخ “بركان” التي تزن ما بين 300 كيلوغرام ونصف طن.
ووفقًا لمقربين من الحزب، فإنه قد وضع الخطط والاستراتيجيات للمشاركة في المعركة الحالية وأكمل استعداده للمشاركة في حرب شاملة. ويربط هؤلاء المقربون هذا الاحتمال بتدهور الوضع في غزة.
في حربه المستمرة جنوباً، والتي أنهت قواعد القتال السابقة التي كانت معتمدة منذ حرب 2006 مع اتساع نطاقها لاستهداف المدنيين في الجانبين مؤخراً، الحزب وإسرائيل يعتمدان بشكل رئيسي على طائرات الطائرات بدون طيار التي لم تكن لها دور أساسي في الحرب الأخيرة، كما تم إدخال صواريخ متطورة معروفة بـ “البركان” لأول مرة في المعادلة.
تكتيكات جديدة
يشير رئيس مركز “الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري – أنيجما”، رياض قهوجي، إلى أن الحزب أطلق أربعة صواريخ بركان، وهي تحمل رأسا حربيا يزيد عن 100 كيلوجرام، ويستخدم أيضا الكورنيت الذي كان يستخدم في السابق لاستهداف المدرعات والآن يستخدم لاستهداف القواعد العسكرية ضمن تكتيك جديد.
وفي تصريح لصحيفة “الشرق الأوسط”، يوضح قهوجي أن حزب الله يستخدم طائرات مسيّرة هجومية انتحارية في عمليات الهجوم والتجسس. يشير أيضًا إلى أن تكتيك الهجمات المتناسقة الذي يتبعه الحزب من جبهات متعددة – القطاع الوسط والقطاع الغربي والقطاع الشرقي – هو سلاح ذي حدين بسبب خلقه أهدافًا إضافية للجانب الإسرائيلي. ويضيف: “يحاول الحزب اليوم مواجهة الجيش الإسرائيلي بأسلوب الجيش النظامي وهذا نقطة ضعف كون الجيش الإسرائيلي يمتلك تفوقًا جويًا يمكنه رصد تحركات أعضاء الحزب، مما أدى إلى زيادة عدد القتلى من أعضائه”.
فارق القوة مع «حماس»
ويقوم رئيس “مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية”، العميد المتقاعد هشام جابر، بذكر أهم الأسلحة التي استخدمها “حزب الله” ولم تكن موجودة في عام 2006، وتشمل طائرات مسيّرة وصواريخ “بركان” وأسلحة مضادة للدروع مثل “الكورنيت”. ومن الجدير بالذكر أنه في الحرب السابقة، كان يستخدم أسلحة مماثلة لكنها كانت لمسافات قريبة وكان يحملها المقاتل بنفسه، أما اليوم فالموقف مختلف. ويضيف لـ “الشرق الأوسط”: “بالتأكيد لديه أسلحة لم يستخدمها بعد مثل الصواريخ المضادة للسفن (يوخانت أرض – بحر) وأسلحة مضادة للطائرات، وليس فقط تلك التي استخدمها ضد الطائرات المسيّرة”.
جابر يؤكد أن قوة حزب الله تعادل عشرة أضعاف قوة حماس في المجالات العسكرية والصاروخية وعدد المقاتلين. كما يشير إلى أن تكتيك حماس يعتمد على حرب العصابات واستخدام الأسلحة الخفيفة. بالمقابل، يعتمد حزب الله بمعدل ثلثي تكتيكه على طريقة الجيش النظامي التقليدية وثلثه الآخر على حرب العصابات.
أهداف «حزب الله» العسكرية
أحدث حزب الله تركيزه على تنفيذ عمليات مهمة منذ دخوله في المعركة في الثامن من أكتوبر، حيث تم استهداف نقاط تمركز الجيش الإسرائيلي في مزارع شبعا، بالإضافة إلى استهداف مواقعه على طول الخط، في إطار الحركة التصدي والرد المتبادل، وتعطيل أجهزة التصويب التابعة للأجهزة الإلكترونية والتجسسية والبصرية والرادارية على طول الحد الفاصل مع الأراضي المحتلة، مما ساهم في إعداد الظروف لاحتمالات التدخل الواسع.
وفقًا للمحلل السياسي قاسم قصير، يتطلع “حزب الله” إلى تحقيق أهداف أساسية معينة. وتتضمن هذه الأهداف تنفيذ استراتيجية وحدة الساحات ضمن محور المقاومة، واستغلال جزء كبير من قدرات الجيش الإسرائيلي (حوالي 50 في المائة) عن طريق وجوده في منطقة الجليل. بالإضافة إلى ذلك، يهدف “حزب الله” إلى تشويش التوقيت ودرجة وشكل التدخل المحتمل، وفتح ثغرة في مزارع شبعا وتحويلها إلى جبهة متحركة. وأيضًا تثبيت معادلة الردع واستهداف المدنيين والمقاتلين على حد سواء.
ويؤكد قصير أن للحزب العديد من المفاجآت، سواء فيما يتعلق بنوعية الصواريخ الدقيقة التي يملكها أو في خطة الهجوم على الجيش الإسرائيلي. قد يكون ما قامت به حماس مشابهًا لخطة الحزب لاقتحام الجليل في حال اتخاذ القرار، وربما لديهم خطط أخرى.