تدخل الأزمة في السودان أسبوعها الثامن، والمعارك الشرسة بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع”، مستمرة، والضغوطات الدولية على أشدها.
واليوم الأحد حثت السعودية والولايات المتحدة، طرفي الأزمة في مدينة جدة على مواصلة التفاوض لوقف الحرب فورا، عبر توقيع اتفاق نافذ لوقف إطلاق النار.
ميدانيا أبلغ شهود عيان ، أن الاشتباكات العسكرية اندلعت في مدن الخرطوم وبحري وأم درمان؛ باستخدام كافة الأسلحة الثقيلة والخفيفة.
إطلاق الرصاص ودوي المدافع الثقيلة أوقع أضرارا بالغة بمنازل المواطنين والمنشآت الحيوية، وأشار سكان إلى وقوع اشتباكات من بينها قصف جوي ومدفعي في جنوب الخرطوم والمناطق الشمالية للمدينتين المجاورتين أم درمان وبحري، وكذلك منطقة شرق النيل في الجانب الشرقي من البلاد.
تعطش لوقف الحرب
وقال المواطن محمد الطيب (35 عاما) من سكان مدينة بحري: “القصف المدفعي مستمر وإطلاق الرصاص لم يتوقف والسكان الأبرياء يدفعون ثمن الحرب العبثية”.
وتابع الطيب في حديثه ، قائلا: “لا نعلم متى تتوقف الحرب اللعينة، وموسم هطول الأمطار على الأبواب والأوضاع ستكون كارثية مع النقص المستمر في الخدمات”.
بدوره يقول المواطن، عمار حسن (32 عاما) من سكان مدينة أم درمان، “كل المؤشرات تدل على استمرار الحرب وزيادة المعاناة الإنسانية”.
وأوضح حسن في حديثه ، أنه يأمل أن تتوقف الحرب وتتوقف حركة النزوح وتعود الحياة إلى طبيعتها.
وأدت الحرب بالفعل إلى نزوح 1.2 مليون داخل البلاد وفرار 400 ألف آخرين إلى دول مجاورة، مما يدفع السودان إلى حافة كارثة ويثير مخاوف من اندلاع صراع أوسع نطاقا.
وما زالت المعاناة الغذائية مستمرة منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل/ نيسان الماضي، بسبب شح دقيق القمح والمياه والكهرباء والإنترنت.
وقررت شركة “دال الغذائية” التي كانت منتجاتها الغذائية تغطي أجزاء واسعة من السودان التوقف عن العمل بسبب ما أسمتها بـ”الأحداث المؤسفة التي تمر بها البلاد”.
وذكرت الشركة في بيان لها أنه “نتيجة للصعوبات اللوجستية والتحديات التشغيلية التي تواجه أعمالنا. وعدم مقدرتنا على ضمان وسلامة منسوبينا في ظل التحديات الراهنة فقد قررت الإدارة منح جميع العاملين بالقطاع الهندسي إجازة بدون مرتب لمدة ثلاثة أشهر اعتبارا من أول يونيو 2023 إلى نهاية شهر أغسطس 2023.”
ورصدت ، ازدياد طوابير المواطنين أمام المخابز الآلية لتوفير رغيف الخبز رغم مضاعفة سعره خلال أيام الحرب.
وعن المعاناة اليومية يقول المواطن، خالد يوسف: “نقف لعدة ساعات أمام المخبز لشراء الحصة اليومية رغم مضاعفة السعر، لعدم توفر بدائل أخرى”.
وأشار يوسف في تصريح إلى أن “الوضع مؤسف، ونأمل أن تتوقف الحرب وتعود الحياة إلى طبيعتها”.
كما رصدت، سوقا سوداء لبيع البنزين والديزل بأسعار باهظة، بسبب النزوح المستمر من الخرطوم إلى الولايات الأخرى.
ويقول المواطن حسن عبد الله، “اضطررنا لشراء البنزين من السوق السوداء جراء توقف محطات الوقود لنستطيع المغادرة إلى الولايات الأخرى”.
وأشار عبد الله في حديثه، إلى أن أسعار الوقود في زيادة مستمرة، لكن “للضرورة أحكام”، حسب تعبيره.
ضغط في الداخل والخارج
على طريق حل الأزمة أفادت مصادر دبلوماسية ، بأن وساطة السعودية والولايات المتحدة تمارس ضغوطا على الأطراف المتصارعة للعودة إلى طاولة التفاوض في مدينة جدة توطئة لتوقيع اتفاق وقف إطلاق نار دائم.
وطبقا للمصادر فإن وفود التفاوض ما زالت متواجدة بجدة، وربما تستأنف المفاوضات خلال اليومين المقبلين تمهيدا لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار وبدء التفاوض السياسي لإنهاء الأزمة في البلاد.
كما دعت السعودية والولايات المتحدة في بيان مشترك اليوم الأحد طرفي التفاوض إلى توقيع اتفاق جديد لوقف إطلاق النار، مؤكدة أن وفدي الجيش والدعم السريع لا يزالان في جدة، رغم تعليق المفاوضات.
وضمن ضغط داخلي قال حزب الأمة القومي بالسودان، إنه لا خيار أمام الجيش السوداني والدعم السريع سوى الجلوس إلى طاولة التفاوض لإنهاء الحرب.
وذكر الحزب في بيان، أن “تجنيب البلاد لمزيد من الخراب وضياع الأنفس” لن يكون سوى بالجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وطالب الحزب طرفي النزاع بضرورة الالتزام بتعهداتهما الموقعة في جدة والعودة لطاولة الحوار والالتزام بوقف إطلاق النار والعمل على حماية المدنيين.
والخميس، أعلنت السعودية والولايات المتحدة، تعليق محادثات جدة بين أطراف الصراع في السودان، نتيجة “الانتهاكات الجسيمة والمتكررة” لوقف إطلاق النار.
وفي 26 مايو/ أيار المنصرم، أعلنت السعودية والولايات المتحدة اتفاق طرفي النزاع في السودان على تمديد اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع بينهما، لمدة 5 أيام إضافية.
ومنذ 15 أبريل/ نيسان الماضي، اندلعت في عدد من مدن السودان اشتباكات واسعة بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، و”الدعم السريع” بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”، راح ضحيتها المئات بين قتيل وجريح، معظمهم من المدنيين.